للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثالث: التقابض قبل التفرق، وقبض كل شيء بحسبه فالمنقول: يكون قبضه بالتسليم والتسلم، وقبض غير المنقول من أرض وشجر، ونحوه بالتخلية بينه وبين المشتري بأن يمكنه من البائع، ويسلمه المفتاح، ويفرغه من متاع غير المشتري اتباعا للعرف، وهذا هو القبض الحقيقي، فلا تكفي الحوالة، وإن حصل القبض بها في المجلس، أما قبض الوكيل، فيكفي عن العاقدين، أو أحدهما ما دام القبض قد تم في المجلس، فإذا تفرقا قبل القبض بطل العقد، فإن كان التفرق بإكراه، فلا يبطل؛ لأن تفرقهما حينئذ كلا تفرق، وهذا هو المعتمد.

وإذا قال أحدهما لصاحبه: اختر لزوم العقد فاختار لزومه، فإن كان قبل القبض بطل العقد حتى ولو تقابضا بعد ذلك في المجلس؛ لأن التخاير كالتفرق سواء بسواء، فإذا لم يتم التقايض قبله بطل العقد.

وخلاصة ما تقدم: أن بيع الربا بجنسه كقمح بقمح وشعير بشعير، وذهب بذهب إلخ يحرم فيه التفاضل، والنساء، والتفرق قبل القبض لما روى عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة والتمر بالتمر، والبر بالبر والشعير بالشعير، والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيدا". ومعنى يدا بيد أن يعطيه البائع المبيع بيد، ويتناول الثمن باليد الأخرى، أو أن يقبضه في المجلس قبل التفرق، فإن باعه بغير جنسه، فإن كان مما يحرم فيه الربا بعلة واحدة كذهب بفضة، أو قمح بشعير جاز فيه التفاضل، وحرم فيه النساء، والتفرق قبل القبض، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد". أما إن كان مما يحرم فيهما الربا بعلتين: كبيع الحنطة بالذهب، والشعير بالفضة حل فيه التفاضل، والنساء، والتفريق قبل التقابض لإجماع الأمة على جواز إسلام الذهب، والفضلة في المكيلات المطعومة١.


١ راجع المهذب ج١ "ص٢٧٢".

<<  <   >  >>