إن من تأمل نصوص الكتاب والسنة وجدها في غاية الإحكام والإتقان، وأنها مشتملة على التقديس لله عن كل نقص، والإثبات لكل كمال، وأنه تعالى له الكمال المطلق، وأنه إذا كان كاملاً بذاته وصفاته وأفعاله لم يكن كاملاً بغيره ولا مفتقراً إلى سواه، بل هو الغني ونحن الفقراء، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (١٧) وَلَا} [فاطر: ١٥ - ١٧]، وهو سبحانه في محبته ورضاه ومقته وسخطه وفرحه واسفه وصبره وعفوه ورأفته له الكمال الذي لا تدركه الخلائق وفوق الكمال، إذ كل كمال فمن كماله يستفاد، وله الثناء الحسن الذي لا تحصيه العباد، وإنما هو كما أثنى على نفسه، له الغنى الذي لا يفتقر إلى سواه {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} [مريم: ٩٥](١).
فيجب على كل مؤمن أن يسلم ويؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من الأمور التي تتعلق بأسماء الله وصفاته، وأن يفهمها الفهم الصحيح الذي عليه سلف هذه الأمة من الصحابة رضي الله عنهم، ومن سار على منهجهم من التابعين والعلماء الصالحين، وأن لا يخوض في ما ليس له به علم قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)} [آل عمران: ٧].
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم