للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المقدمة]

[تعريف المحبة لغة واصطلاحاً]

المحبة لغة: الحاء والباء أصول ثلاثة، أحدها اللزوم والثبات، والآخر الحبة من الشيء ذي الحب، والثالث وصف القصر.

فالأول الحب، معروف من الحنطة والشعير ...

ومن هذا الباب حبة القلب: سويداؤه، ويقال ثمرته. ... ..

وأما اللزوم فالحب والمحبة اشتقاقه من أحبه إذا لزمه والمحب: البعير الذي يحسر فيلزم مكانه (١).

والمحبة اسم للحب، والحب: نقيض البغض وهو: الوداد والمحبة، وكذلك الحب بالكسر (٢)، يقال أحبه فهو محب وحبة يحبه بالكسر فهو محبوب (٣).

قيل في المحبة: (أصلها الصفا لان العرب تقول لصفاء بياض الأسنان ونضارتها حَبَب الأسنان، وقيل مأخوذة من الحَبَاب وهو ما يعلو الماء عند المطر الشديد، فعلى هذا المحبة غليان القلب وثوارنه عند الاهتياج إلى لقاء المحبوب، وقيل مشتقة من اللزوم والثبات، ومنه أحب البعير إذا برك فلم يقم كأن المحب قد لزم قلبه محبو به فلم يرم عنه انتقالاً.

وقيل: هي مأخوذة من القلق والاضطراب. وقيل: بل هي مأخوذة من الحب جمع حبة، وهو لباب الشيء وخالصه وأصله، فإن الحب أصل النبات والشجر، وقيل: بل هي مأخوذة من الحب الذي هو إناء واسع يوضع فيه الشيء فيمتلئ به بحيث لا يسع غيره، وكذلك قلب المحب ليس فيه سعة لغير محبو به ... وقيل غير ذلك) (٤).

والمحبة ميل القلب، من الحب استعير لحبة القلب ثم اشتق من الحب لأنه أصابها ورسخ فيها (٥) ... (وقيل المحبة: ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها إليه) (٦).

المحبة اصطلاحاً: صفة حقيقة من صفات الله عز وجل الفعلية الاختيارية (٧) المتعلقة بمشيئته (٨)، الثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥]، وقال تعالى: {دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ} [المائدة: ٥٤].

وعن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العبد التقي، الغني، الخفي» (٩).


(١) معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس، ص (٢/ ٢٦).
(٢) لسان العرب، ابن منظور، ص (٢/ ٧٤٢).
(٣) مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر الرازي، ص ١١٩.
(٤) أنظر لسان العرب ص (٢/ ٧٤٢ - ٧٤٦)، وروضة المحبين ونزهة المشتاقين، ابن القيم، ص ١٧ - ١٨.
(٥) تفسير أبي السعود، ص (١/ ٢٩٥)، عند تفسير قوله تعالى {لا يحب الله الجهر بالسوء} [النساء: ١٤٨].
(٦) المصدر السابق، ص (١/ ٤٦٤).
(٧) الصفات الاختيارية: هي التي " يتصف بها الرب عز وجل فتقوم بذاته بمشيئته وقدرته: مثل كلامه، وسمعه، وبصره، وإرادته، ومحبته، ورضاه، ورحمته، وغضبه، وسخطه، ومثل خلقه وإحسانه، وعدله ومثل استوائه، ومجيئه، وإتيانه، ونزوله، ونحو ذلك من الصفات التي نطق بها الكتاب العزيز، والسنة" مجموع الفتاوى (٦/ ٢١٧).
(٨) انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين ص (١/ ١٣٢)، شرح العقيدة الواسطية لمحمد الهراس ص ٥٣، والكواشف الجلية عن معاني الواسطية لعبد العزيز السلمان ص ١٧٤.
(٩) رواه مسلم، كتاب الزهد والرقاق ص (٨/ ٢١٤).

<<  <   >  >>