للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التعطش لما يدعو إليه بعد ما احترقت قلوبهم من امتصاص الولاة الترك دماءهم وأموالهم

٢٣٢ - وسار محمد على باشا في سبيله بجد ونشاط لا يعرفان الكلل ولا السآمة، وقضى على كل مخلفات ولاة الأتراك من الرشوة، والاغتصاب والظلم وانتهاك الحرمات، فسارت مصر إلى الرقي المادي بخطى واسعة حتى تبوأت مكانة، خافتها الدولة العثمانية وخشيت من تقدم الوالى العظيم محمد على المطرد في سبيل المجد والعظمة.

٢٣٣ - وكان الحجاز أشقى من مصر، وأتعس حظا، إذ كانت الدولة تعتبره منفى لكل وال، أو موظف، أو ضابط، اشتهر من أعماله وأخلاقه ما يضج منه العباد والبلاد، فأين تذهب به؟ وأي البلاد ترميها بهذا الأثيم؟ الحجاز المسكين، البلاد المقدسة التي جعلها الله مثابة للناس وأمنا. فإذا ما حط رحله في الحجاز، وهو يعتقد أنه جيء به إلى المنفى للانتقام منه- أخذ يأتي من أنواع فساده وضروب شره، ما كان من نتائجه: الذي تسامع به الناس كلهم: أن مكة منتشر فيها الأمراض السرية: من السيلان والزهري وغيرها من ثمرات الفسق والفاحشة، مما أمسك قلمي ولساني عن الخوض فيه. وكان فيها من أنوع التهتك في الملاهي والخمور ما يدهش الإنسان عند ما يسمع حكايته ممن شهدوه في عهد الأتراك من كبار الأسنان.

٢٣٤ - وكان هذا شأن ولاة الأتراك في الحجاز إلا القليل النادر جدا من بعض الولاة الصالحين الذين يعدهم الحجازيون على أصابع يد واحدة أو أكثر بقليل. وإلى جانب هؤلاء الولاة المفسدين من الأتراك يأتي الأشراف

<<  <   >  >>