للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نافع١ وأشهب٢ قالا: وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبد الله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ينظرون إلى الله؟ قال: نعم بأعينهم هاتين؛ فقلت له: فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله، إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال: كذبوا بل ينظر إلى الله، أما سمعت قول موسى عليه السلام: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} ٣ أفترى موسى سأل ربه محالاً؟ فقال الله: {لَنْ تَرَانِي} ٤ أي في الدنيا لأنها دار فناء، ولا ينظر ما يبقى بما يفنى، فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى وقال الله: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} ٥.

وأخرج أبو نعيم عن جعفر بن عبد الله قال: "كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟

فما وجد٦ مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرحضاء -يعني العرق- ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه


١ الذي يروي عن الإمام مالك باسم ابن نافع رجلان، أما الأول فهو عبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري أبو بكر المدني قال عنه ابن حجر: "صدوق مات سنة ٢١٦ هـ "، وأما الثاني فهو عبد الله بن نافع بن أبي نافع المخزومي مولاهم أبو محمد المدني قال عنه ابن حجر: "ثقة صحيح الكتاب في حفظه ليّن مات سنة ٢٠٦ هـ وقيل بعدها"، تقريب التهذيب (١/ ٤٤٥-٤٥٦) ، وتهذيب التهذيب (٦/٥٠-٥١) .
٢ هو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي أبو عمر المصري قال عنه ابن حجر: "ثقة فقيه مات سنة ٢٠٤هـ"، تقريب التهذيب (١/٨٠) ، وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب (١/٣٥٩) .
٣ سورة الأعراف، الآية ١٤٣.
٤ سورة الأعراف، الآية ١٤٣.
٥ سورة المطففين، الآية ١٥.
٦ جاء في لسان العرب (٣/٤٤٦) (وجد عليه في الغضب يجد ويجد وجداً مَوْجِدَة ووجداناً غضب وفي حديث الإيمان أفي سائلك فلا تجد علي، أي لا تغضب من سؤالي) .

<<  <   >  >>