للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القانونيين الذين يحكمون الطاغوت المسمى "بالقانون" وأنقل ما كتبه والدي وشيخي سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.. قال رحمه الله: إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين في الحكم به بين العالمين، والرد إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عز وجل {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ١ وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن من لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم.

قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} ٢ وقال في موضع آخر: وقد نفى الله الإيمان عمن أراد التحاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من المنافقين..

كما قال تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} ٣، فإن قوله يزعمون تكذيب لهم فيما ادعوه من الإيمان، فإنه لا يجتمع إيمان مع تحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان في قلب عبد أصلا، بل أحدهما ينافي الآخر.

والطاغوت مشتق من الطغيان; وهو مجاوزة الحد. فكل من حكم بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه، وذلك أنه من حق كل أحد أن يكون حاكما بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فمن حكم بخلافه أو حاكم إلى خلافه فقد طغى وجاوز حده حكما أو تحكيما، فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده.

وقال عليه رحمة الله ورضوانه: "وتأمل قوله عز وجل: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} ٤ تعرف منه معاندة القانونيين وإرادتهم خلاف مراد الله منهم حول هذا الصدد، فالمراد منهم شرعا هو الذي تعبدوا به وهو الكفر بالطاغوت لا تحكيمه.

{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} ٥ ثم تأمل قوله تعالى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} ٦، كيف دل على أن ذلك ضلال.

وهؤلاء القانونيين يرونه من الهدى، وقد دلت الآية على أنه من إرادة الشيطان عكس ما يتصوره القانونيون، فتكون على زعمهم مرادات الشيطان هي


١ سورة النساء آية: ٥٩.
٢ سورة النساء آية: ٦٥.
٣ سورة النساء آية: ٦٠.
٤ سورة النساء آية: ٦٠.
٥ سورة البقرة آية: ٥٩.
٦ سورة النساء آية: ٦٠.

<<  <   >  >>