للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شرحه لهذه الآية في كتاب تيسير العزيز الحميد:

"لما كان التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله مشتملا على الإيمان بالرسل مستلزما له، وذلك هو الشهادتان. ولهذا جعلها النبي صلى الله عليه وسلم ركنا واحدا، نبه في هذا الباب على ما تضمنه التوحيد واستلزمه من تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع؛ إذ هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله ولازمها الذي لا بد منه لكل مؤمن، فإن من عرف أن لا إله إلا الله فلا بد له من الانقياد لحكم الله والتسليم لأمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع فقد كذب في شهادته..". انتهى..

وقد سبق تفصيل القول في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية. ويقول رحمه الله في موضع آخر: ومن لوازم ذلك "أي الشهادتين" متابعته وتحكيمه في موارد النزاع وترك التحاكم إلى غيره، كالمنافقين الذين يدعون الإيمان به ويتحاكمون إلى غيره، وبهذا يتحقق للعبد كمال التوحيد.. ومن قوله "يزعمون" نفي لما زعموه من الإيمان وقد أمروا "أن يكفروا به" أي بالطاغوت، وهو دليل على أن التحاكم إلى الطاغوت مناف للإيمان مضاد له، فلا يصح الإيمان إلا بالكفر به وترك التحاكم إليه. وقال: وفي الآية دليل على أن التحاكم إليه، به يكون العبد غير مؤمن بل ولا مسلم "يعني التحاكم إلى الطاغوت". وأورد الشيخ في نفس الباب قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ١ قال أبو العالية في الآية: يعني لا تعصوا في الأرض، وكان فسادهم ذلك هو معصية الله؛ لأن من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصية الله فقد أفسد في الأرض؛ لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة. وأخيرا أورد الشيخ سبب نزول آية النساء {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ... } ٢ الآية فقال ... وقيل: نزلت في رجلين اختصما وقال أحدهما نترافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف، ثم ترافعا إلى عمر رضي الله عنه، فذكر له أحدهما القصة، فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلم أكذلك؟ قال نعم. فضربه بالسيف فقتله. ويحسن بنا أن نذكر في هذا الباب الرد على


١ سورة البقرة آية: ١١.
٢ سورة النساء آية: ٦٠.

<<  <   >  >>