ولا تبخُلا بُخلَ ابنِ قزعةَ إنَّه ... مَخافَةَ أن يُرجَى نَدَاهُ حَزينُ
إذا جئتَهُ للعُرفِ أغلقَ بابَهُ ... فلم تلقَهُ إلاَّ وأنتَ كمينُ
فقلْ لابنِ يحيى مَتَى تدرك العُلا ... وفي كلِّ معروف عليك يمينُ
وقال أبو النَّدَى الأعرابيّ:
وحيَّرتني أُمورٌ قد رآهَا ... بنيسابورَ ليسَ لها نِظامُ
رأيتُ أميرَهَا في جوفِ قصرٍ ... علَى أبوابِهِ حَرَسٌ قيامُ
بأيديهمْ مَقَامِعُ من حديدٍ ... أعدُّوها إذا حَضَرَ الطَّعامُ
لئنْ أُخرجتُ من جرجانَ إنِّي ... لأحسُدُ من لَهُ فيها مَقَامُ
أنشدني بديع الزَّمان:
لا تنزِلنَّ بنيسابورَ مُغترباً ... إلاَّ وحبلكَ موصُولٌ بسُلطانِ
أولاً فلا أدبٌ يُجدِي ولا حَسَبٌ ... يُغنِي ولا أحدٌ يرعَى لإنسانِ
لآخر:
وإنَّ فتًى لهُ أَلفَا صَديقٍ ... بنيسابورَ ليسَ لهُ رَفيقُ
تَوَلاَّها وليسَ لهُ عدوّ ... وفارَقَها ولبسَ لهُ صَديقُ
أنشدني أحمد بن إسحاق الكاتب:
كانَ دخولِي علَى أبي كرَبِ ... من غيرِ ما حاجةٍ ولا أَرَبِ
من حُمُقَاتي فإنَّني رجلٌ ... مُضطربُ العقلِ سَيّئ الأَدَبِ
وقال أبو الفرج بن الببغا:
ما كلُّ مَنْ طوَّلَ عُثْنُونَهُ ... يزدادُ فضلاً يا أبا الفضلِ
طوَّلتَ عُثْنونَكَ تبغي العُلا ... أيّ علا في ذَنَبِ البغلِ
ولستُ أحصي كم رأيتُ امرأ ... الحيّ ولكنْ كوسج العقلِ
قد ملأتْ لحيتُهُ صدرَهُ ... ورأسُهُ أفرغُ مِنْ طَبْلِ
وقال آخر:
وأشدُّ أهلِ الأرضِ إلاَّ أنَّه ... خَضَبَ الأسِنَّةَ في اللِّقاءِ بلا دَمِ
ويقولُ حينَ يَرَى الرِّماحَ تهُزّهُ ... ليسَ الكريمُ علَى القَنَا بمحرّمِ
وقال الكُميت بن زيد الأسديّ:
ألا أبلِغْ أُميَّةَ حيثُ حلَّتْ ... وإنْ خِفْتَ المُهَنَّدةَ الصَّنيعَا
أجاعَ اللهُ مَنْ أشبعتُموه ... واشبعَ مَنْ بجوركمُ أُجيعَا
أنشدني أبو الحسن الفارسي الوزير:
لَشَتَّانَ ما بينَ اليزيدَينِ في النَّدَى ... يزيدِ كُليبٍ والأغرِّ بنِ حاتِمِ
وقال زيد بن الحسين العامريّ:
اللهُ أغنانِي بعزِّ جلالِهِ ... عنْ جَعفرٍ والمُبْتَغَى من مالِهِ
لا يُعجبنَّكَ قَدّه وجَمالُهُ ... فعساكرُ الأدْبارِ تحتَ جَمَالِهِ
لا تنظرنَّ إلى أبيهِ وجَدِّهِ ... وانظُرْ إلى المَذمومِ من أفعالِهِ
وانظُرْ إلى جُلسائِهِ وقرينهِ ... لتَرَى خساستَهُ وفرطَ سفالِهِ
يا لائِمي في بغضِهِ وهجائِهِ ... أقْصِر فلم تعرِفْ حقيقةَ حالِهِ
ومن أجود ما قيل في البخر لأبي إسحاق الصابي:
مَضَغ الأزديُّ للهرَّ ... ةِ خُبْزاً فرماهَا
فدنتْ منهُ فَشَمَّتْ ... هُ فظنَّتهُ خَراهَا
فحَثَتْ تُرباً عليه ... ثمَّ ولَّتْهُ قَفَاها
أنشدني علي بن يوسف الهمداني:
رأيتُ في رأسِ عبَّاسٍ قُلُنسوةً ... عساكرُ القملِ تَمشي في نَواحيها
إنَّ المعلمَ لا تخفَى حماقتُهُ ... ولو تَقَلَّسَ بالدُّنيا وما فِيها
وأنشدني عبد الرحيم بن عبد الله:
أينسَى كليْبٌ زَمانَ الهُزالِ ... وتعليمَهُ سُورةَ الكوثرِ
رغيفٌ لهُ فلكَةٌ لا تُرَى ... وآخَرُ كالقمرِ الزَّاهِرِ
آخر:
إذا أنشَدَ حمَّادٌ ... فَقَدْ جَوَّدَ بشَّارُ
في هجاء الأعمى:
ما للضَّريرِ وما للكِبْرِ والتِّيهِ ... أليسَ يكفيهِ أن يشقَى بما فِيهِ
أليسَ يكفيهِ أنْ لا يهتَدِي أبداً ... إلاَّ بعكَّازَةٍ أوْ مَن يُهَدِّيهِ
آخر:
كيفَ يرجُو الحياءَ منهُ صديقٌ ... ومحلُّ الحياءِ منهُ خَرابُ
وقال آخر:
مَنْ يشترِي منِّي أبا وائلٍ ... بكرَ بنَ نطاحٍ بفلسَيْنِ
كأنَّما الآكلُ من خُبزِهِ ... يأكُلُ منهُ شَحمَةَ العينِ
يحلفُ من بغضِ بني هاشمٍ ... بعدَ يمينٍ بيمينَيْنِ
لو كانت الجنَّةُ في كفَّهِ ... ما طارَ فيها ذُو الجَناحيْنِ
وقال آخر في أعور:
طاهرٌ قلَّلَ كسْبي ... لَعَنَ الرَّحمنُ طاهِرْ