للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن لا يُصانع في أُمورٍ كثيرةٍ ... يُضرسْ بأنيابٍ ويُوطَأ بمنسِمِ

ومن يَغتربْ يحسِبْ عدوّاً صديقَهُ ... ومن لا يُكرّم نفسه لا يكرَّمِ

ومن يجعلِ المعروفَ من دونِ عِرضه ... يَفِرْه ومن لا يتَّقي الشّتم يُشتَمِ

لسانُ الفَتَى نصفٌ ونصفٌ فؤاده ... فلم يبقَ إلاَّ صورةُ اللَّحمِ والدَّمِ

وكائنْ تَرَى من صامت لكَ معجب ... زيادتهُ أو نقصُهُ في التَّكلُّمِ

وأعلمُ ما في اليومِ والأمسِ قبلَهُ ... ولكنَّني عن علمِ ما في غدٍ عَمِي

ومن يَكُ ذا فضلٍ فَيَبخلْ بفضلِهِ ... علَى قومِهِ يُسْتغنَ عنهُ ويُذمَمِ

ومَن لمْ يزلْ يستحملُ النَّاسَ نفسَهُ ... ولا يُغْنِها يوماً من الدَّهر يُسْأمِ

ومنْ هابَ أسبابَ المنايا ينلنَهُ ... ولو رامَ أسبابَ السَّماءِ بسلّمِ

آخر:

والشَّيْبُ يبرُقُ في الشَّبابِ كأنَّه ... ليلٌ يَصيحُ بجانبيهِ نَهَارُ

آخر:

وَدِدْتُ بياضَ السَّيف يوم لقينني ... مكانَ بيضَ الشَّيْبِ لاحَ بمَفْرِقِي

أخبرني أبو بكر الإصلاحي، قال: أنشدنا أبو بكر العلاف لنفسه في تمنِّي الشَّيْب وكان مُخلَداً:

إلامَ وفيمَ يَظلمُنِي شَبابِي ... ويُلبِسُ لمَّتي حَلَكَ الغُرابِ

فيا ابنَ المعتلينَ علَى البَرَايا ... بعلياءِ النُّبوَّةِ والكتابِ

أبِنْ هل من دواءٍ مُسْتجادٍ ... لديكم أو دعاءٍ مستجابِ

لأبدِلَ من سوادِ اللَّيلِ صُبْحاً ... يُضيءُ وادْهِماماً باشْهِبابِ

فكافورُ المشيبِ لديَّ أحلَى ... وفي العينينِ من مِسْكِ الشَّبابِ

وقال آخر:

كأنَّ الشَّيْبَ والحَدَثانَ جَرْياً ... إلى نفسِ الفَتَى فرسَا سباقِ

كأنَّ بني أميَّة لم يكونُوا ... ملوكاً بالحجازِ ولا العراقِ

فما الدُّنيا بباقيةٍ لحيٍّ ... وما حيٌّ إلى الدُّنيا بباقِ

وقال الأسود بن يعفر:

ومن العجائبِ لا أبا لَكَ أنَّني ... ضُربتْ عليَّ الأرضُ بالأسدادِ

لا أهتَدِي فيها لمَدفعِ تَلْعَةٍ ... بينَ العراقِ وبينَ أرضِ مُرادِ

وقال علي بن القاسم الخوافي صاحب المختصر من العين:

شاعَ في عارِضَيَّ هذا المشيبُ ... فهوَ الموتُ والفراقُ قريبُ

كلّ يومٍ للموتِ منِّي نصيبٌ ... وسهامٌ أرمِي بها وتُصيبُ

وتفانَى أحبَّتِي ولِدَاتِي ... والبَلايا مع الرَّزايا تَنوبُ

كلّ يومٍ يُنْعَى إليَّ رفيقٌ ... أو قريبٌ أُحبُّهُ أو حبيبُ

وكأنَّ الفَناءَ صُبَّ عليهم ... فهُمُ في التُّرابِ مُرْدٌ وشِيبُ

وقال آخر:

أصبحتُ لا أحمِلُ السِّلاحَ ولا ... أملِكُ رأسَ البعيرِ إنْ نَفَرَا

والذِّئبُ أخشاهُ إنْ خلوتُ بِهِ ... وحدِي وأخشَى الرِّياحَ والمَطَرا

من بعدِ ما قوَّةٍ أُسَرُّ بها ... أصبحتُ شيخاً أُعالجُ الكِبَرَا

وقال الحسن بن هانئ:

قالوا كبِرْتَ فقلتُ لم تكبرْ يدِي ... من أنْ تخِفَّ إلى فمِي بالكاسِ

وإذا عددتُ سِنِّي كم هيَ لم أجدْ ... للشَّيبِ عُذراً في الحلولِ براسِي

فإذا نزعتَ عن الغوايةِ فليكُنْ ... لله ذاكَ النَّزْعُ لا للنَّاسِ

آخر:

قالوا: أنينُكَ طولَ ليلِي يُسْهِرُنا ... فما الَّذي تشتَكِي قلتُ الثَّمانينا

أنشدني إبراهيم بن علي الطيفوري:

وقالوا ما أشابَكَ قبلَ وقتٍ ... فقلتُ هوًى وهجرٌ واكتِئابُ

ولو أنَّ الغرابَ اهتمَّ همِّي ... وفكَّرَ فكرِتي شابَ الغُرابُ

وقال آخر:

كَرِهْتُ شيبي وكرهٌ أنْ يُفارِقَني ... أعْجِبْ بشيءٍ علَى البغضاءِ مَوْدُودُ

أمَّا الشَّبابُ فمفقودٌ لهُ بَدَلٌ ... والشَّيْبُ يذهبُ مفقوداً بمفقودِ

وقال آخر:

عَجَباً للشَّبابِ كيفَ تولَّى ... ولثوبِ المشيبِ أيّ لِباسِ

ليسَ جُودُ الجوادِ فَضْل مالٍ ... إنَّما الجودُ للمقِلِّ المُواسِي

وقال بشر بن الحارث:

شَيبٌ يلوحُ كأنَّما نَفَضَتْ ... زَغَباً عليهِ حمائمٌ بُلْقُ

ما كنتُ أفسُقُ والشَّبابُ أخي ... أفحينَ شِبْتُ يجوزُ لي فُسْقُ

<<  <   >  >>