للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنتمي للدعوة، وهي لا تهتم بالعقيدة، وإنما تركز على أمور جانبية أخلاقية وسلوكية، وهي ترى كثيرًا من الناس يمارسون الشرك الأكبر حول الأضرحة المبنية على القبور في بعض ديار الإسلام، ولا تنكر ذلك، ولا تنهى عنه؛ لا في كلمة، ولا في محاضرة، ولا في مؤلف؛ إلا قليلاً، بل قد يكون بين صفوف تلك الجماعات من يمارس الشرك والتصوف المنحرف ولا ينهونه ولا ينبهونه، مع أن البداءة بدعوة هؤلاء وإصلاح عقيدتهم أولى من دعوة الملاحدة والكفار المصرحين بكفرهم؛ لأن الملاحدة والكفار مصرحون بكفرهم، ومقرون أن ما هم عليه مخالف لما جاءت به الرسل، أما أولئك القبوريون والمتصوفة المنحرفون، فيظنون أنهم مسلمون، وأن ما هم عليه هو الإسلام، فيغترون ويغرون غيرهم.

والله جل وعلا أمرنا بالبداءة بالكفار الأقربين، وقال تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ الله مَعَ الْمُتَّقِينَ} ١، فما لم تصف صفوف المسمين من الدخيل؛ فإنهم لن يستطيعوا الصمود في وجه عدوهم.

ويحكى أن قبوريا رأى رجلاً يعبد صنما أمامه، فأنكر عليه القبوري، فقال له عابد الصنم: أنت تعبد مخلوقا غائبا عنك، وأنا أعبد مخلوقا ماثلاً أمامي؛ فأينا أعجب؟ فانخصم القبوري.

هذا؛ وإن كان كل منهما مشركا ضالا لأنه يعبد ما لا يملك صرًا ولا نفعا؛ إلا أن القبوري أغرق في الضلال وأبلغ في طلب المحال.

فيجب على الدعاة إلى الله أن يركزوا على جانب العقيدة أكثر من غيرها، ويقبلوا على دراستها وتفهمها أولاً، ثم يعلموها لغيرهم، ويدعوا إليها من انحرف عنها أو أخل بها؛ قال الله تعالى لنبيه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى


١ سورة التوية، الآية: ١٢٣.

<<  <   >  >>