للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهنا مسألة تحتاج إلى بيان، وهي الفرق بين النبي والرسول: فالفرق بين النبي والرسول على المشهور: أن الرسول إنسان ذكر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، والنبي إنسان ذكر أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، وكل من النبي والرسول يوحى إليه، لكن النبي قد بيعث في قوم مؤمنين بشرائع سابقة كأنبياء بني إسرائيل؛ يأمرون بشريعة التوراة، وقد يوحى إلى أحدهم وحي خاص في قضية معينة، وأما الرسل فإنهم يبعثون في قوم كفار؛ يدعونهم إلى توحيد الله وعبادته؛ فهم يرسلون إلى مخالفين فيكذبهم بعضهم. والرسول أفضل من النبي.

والرسل يتفاضلون؛ قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ١.

وأفضل الرسل أولو العزم، وهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وهم المذكورون في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} ٢، وقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} ٣.

وأفضل أولي العزم الخليلان إبراهيم ومحمد عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام، وأفضل الخليلان محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا؛ والنبوة تفضل واختيار من الله - تعالى؛ كما قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} ٤، وليست النبوة كسبا يناله العبد بالجد، والاجتهاد، وتكلف أنواع العبادات، واقتحام أشق الطاعات، والدأب في تهذيب النفس وتنقية الخاطر وتطهير الأخلاق ورياضة النفس؛ كما


١ سورة البقرة، الآية: ٢٥٣.
٢ سورة الأحزاب، الآية: ٧.
٣ سورة الشورى، الآية: ١٣.
٤ سورة الحج، الآية: ٧٥.

<<  <   >  >>