للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في التبليغ - لم ينتفعوا بها؛ إذ كانوا لا يقرون بموجب ما بلغته الأنبياء، وإنما يقرون بلفظ حرفوا معناه أو كانوا فيه كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، والعصمة التي كانوا ادعوها لو كانت ثابتة؛ لم ينتفعوا بها، ولا حاجة بهم إليها عندهم؛ فإنها متعلقة بغيرهم، لا بما أمروا بالإيمان به، فيتكلم أحدهم فيها على الأنبياء بغير سلطان من الله ويدع ما يجب عليه من تصديق الأنبياء وطاعتهم، وهو الذي تحصل به السعادة، وبضده تحصل الشقاوة، وقال تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ... } ١ الآية.

والله تعالى لم يذكر في القرآن شيئا من ذلك عن نبي من الأنبياء؛ إلا مقرونا بالتوبة والاستغفار:

كقول آدم وزوجته: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ٢.

وقول نوح: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ٣.

وقول الخليل عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (٤، وقوله: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} ٥.

وقول موسى: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} ٦، وقوله: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} ٧، وقوله: {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} ٨.

وقوله تعالى عن داود: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَاب فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} ٩.


١ سورة النور، الاية: ٤٥.
٢ سورة الأعراف، الآية: ٢٣.
٣ سورة هود، الآية: ٤٧.
٤سورة إبراهيم، الآية: ٤١.
٥ سورة الشعراء، الآية: ٨٢.
٦ سورة الأعراف، الآية: ١٥٥.
٧ سورة القصص، الآية: ١٦.
٨سورة الأعراف، الآية: ١٤٣.
٩ سورة ص، الآيتان: ٢٤ ـ ٢٥.

<<  <   >  >>