للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحاديث الصحاح من غير وجه" انتهى كلام ابن كثير - رحمه الله - في تلخيص قصة الدجال حسبما ورد في النصوص الصحيحة، وهو تلخيص جيد مفيد.

والذي تدل عليه النصوص من أمر الدجال - أيضا - وفتنته أن من استجاب له؛ يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت لهم زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم، وترجع لهم مواشيهم سمانا ذات لبن، ومن لا يستجيب له ويرد عليه أمره؛ تصيبهم السنة والجدب والقحط والقلة وموت الأنعام ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وأنه تتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل، وأنه يقتل شابا ثم يحييه.

كل ذلك امتحان يمتحن الله به عباده في آخر الزمان، فيضل به كثيرًا، وهو مع هذا هين على الله، ناقص، ظاهر النقص والفجور والظلم، وإن كان معه ما معه من الخوارق، مكتوب بين عينيه كافر، وما يجريه على يديه محنة من الله لعباده، وهي محنة خطيرة، ولا ينجو منها إلا أهل الإيمان واليقين.

ولخطورة محنته وشدة فتنه؛ حذرت منه الأنبياء أممها، وأشدهم تحذيرًا لأمته محمد صلى الله عليه وسلم.

عن أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه لم يكن نبي بعد نوح؛ إلا وقد أنذر الدجال قومه، وإني أنذركموه" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالاستعاذة من فتنته في آخر كل صلاة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر؛ فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال"، رواه الإمام أحمد ومسلم.

وقد تواترت الأحاديث من وجوه متعددة في إثبات خروج الدجال وبيان فتنته والاستعاذة منه، وأجمع أهل السنة والجماعة على خروج الدجال في آخر

<<  <   >  >>