للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} ١، وهذا خطاب لهم عند الموت، وقد أخبر الملائكة - وهم الصادقون - أنهم حينئذ يجزون عذاب الهون، ولو تأخر عنهم ذلك إلى انقضاء الدنيا؛ لما صح أن يقال لهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ} ؛ فدل على أن المراد به عذاب القبر.

٢- قال الله تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} ٢، وهذا يحتمل عذابهم بالقتل وغيره في الدنيا، وأن يراد به عذابهم في البرزخ، وهو أظهر؛ لأن كثيرًا منهم مات ولم يعذب في الدنيا، وقد يقال - وهو أظهر: إن من مات منهم؛ عذب في البرزخ، ومن بقى منهم؛ عذب في الدنيا بالقتل وغيره؛ فهو وعيد بعذابهم في الدنيا وفي البرزخ.

٣- ومنها قوله: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} ٣. فذكر عذاب الدارين ذكرًا صريحا لا يحتمل غيره؛ فدل على ثبوت عذاب القبر.

٤- قال الله تعالى: {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} ٤، فذكر ها هنا أحكام الأرواح عند الموت، وذكر في أول السورة أحكامها يوم المعاد الأكبر، وقدم ذلك على هذا تقديم الغاية للعناية؛ إذ هي أهم وأولى بالذكر، وجعلهم عند الموت ثلاثة أقسام؛ كما جعلهم في الآخرة ثلاثة أقسام.


١ سورة الأنعام، الآية: ٩٣.
٢ سورة الطور، الآيات: ٤٥ ـ ٤٧.
٣ سورة غافر، الآيتان ٤٥ ـ ٤٦.
٤ سورة الواقعة، الآيات: ٨٣ ـ ٩٤.

<<  <   >  >>