للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للتوحيد.

وهذا كثير في السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، كقوله: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، وإنما أنا عبد؛ فقولوا: عبد الله ورسوله"، وقوله: " إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله عز وجل"، ونهى عن التمادح، وشدد فيه؛ كقوله لمن مدح إنسانا: "ويلك! قطعت عنق صاحبك"، وقال: "إذا لقيتم المداحين؛ فاحثوا في وجههم التراب"، وذلك لما يخاف على المادح من الغلو، وعلى الممدوح من الإعجاب، وكلاهما يؤثران على العقيدة.

بقي أن يقال: هل يجوز أن يقال للمخلوق سيد؟.

قال العلامة ابن القيم: "اختلف الناس في جواز إطلاق السيد على البشر فمنعه قوم، ونقل عن مالك، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: يا سيدنا! قال: "السيد الله تبارك وتعالى"، وجوزه قوم، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "قوموا إلى سيدكم"، وهذا أصح من الحديث الأول ... " انتهى.

قال الشارح: "وأما استدلالهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "قوموا إلى سيدكم"؛ فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يواجه سعدًا به؛ فيكون في هذا المقام تفضيل" انتهى.

وكأنه يقصد بالتفصيل أنه لا يجوز أن يواجه الإنسان ويقال له: يا سيد! من باب المدح، ويجوز أن يقال هذا في حقه إذا كان غائبا، وكان ممن يستحق هذا الوصف؛ جمعا بين الأدلة. والله أعلم.

٩- الغلو في الصالحين: إذا كان الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم ممنوعا؛ فالغلو في حق غيره من الصالحين من باب أولى.

<<  <   >  >>