للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينبغي أن يكون كذا وكذا؛ فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم؟

فإنْ تَنْج مِنْ ذي عَظيَمٍة ... وإلاَّ فَإنِّي لا أَخَالكَ نَاجِيا

قال ابن القيم - رحمه الله -: "فمن ظن به أنه لا ينصر رسوله ولا يتم أمره ولا يؤيده ويؤيد حزبه ويعليهم ويظفرهم بأعدائهم ويظهرهم، وأنه لا ينصر دينه وكتابه، وأنه يديل الشرك على التوحيد الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبدًا؛ فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بجلاله وكماله وصفاته ونعوته؛ فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبي أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به، فمن ظن به ذلك؛ فما عرفه، ولا عرف أسماءه، ولا عرف صفاته وكماله".

وكذلك من أنكر أن يكون ذلك بقضائه؛ فما عرفه، ولا عرف ربوبيته وملكه وعظمته.

وكذلك من أنكر أن يكون قدَّر ما قدَّره من ذلك وغيره لحكمة بالغة وغاية محمودة يستحق عليها الحمد، ظن أن ذلك إنما صدر عن مشيئة مجردة عن حكمة وغاية مطلوبة هي أحب إليه من فواتها، وأن تلك الأسباب المكروهة له المفضية إليها لا يخرج تقديرها عن الحكمة؛ لإفضائها إلى ما يحب، وإن كانت مكروهة له؛ فما قدرها سدى، ولا شاءها عبثا، ولا خلفها باطلاً، {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} ١.

وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق، ظن السوء، فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله، وعرف أسماءه وصفاته، وعرف موجب حكمته وحمده:


١ سورة ص، الآية: ٢٧.

<<  <   >  >>