للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كأن السماني إذا ما رأتك ... تصيدها، تشتهي أن تصادا

أي قد صدتها في أسرع وقت، فكأنها كانت تشتهي أن تصيدها، فمكنت الباشق من نفسها محبة لك.

واجتاز أبو محمد ببعض الجبال فأثار بعض الغلمان خشفاً فالتقفته الكلاب فقال يصف صيد كلاب ابن طغج:! وشامخٍ من الجبال أقود

فردٍ كيافوخ البعير الأصيد

شامخ: أي مرتفع. والأقود: قيل الطويل، وجمع بينهما في الوصف بالعلو. وقيل الأقود: الممتد على وجه الأرض، شبهه بيافوخ البعير الأصيد، لا عوجاجه وعلوه، ليكون متضمناً مع الارتفاع الاعوجاج.

يسار من مضيقه والجلمد

في مثل متن المسد المعقد

شبه ضيقه وخشونته؛ لما فيه من الحجارة بحبل من ليف، عليه عقد كثيرة؛ وذلك لما فيه من الالتواء والخشونة

زرناه للأمر الذي لم يعهد

للصيد والنزهة والتمرد

النزهة: الخروج إلى الخضرة والبساتين للراحة. والتمرد: اللعب والطرب ها هنا. روى: لم يعهد أي هذا الشامخ لم يعهد.

يقول: زرنا هذا الجبل الذي لم يعهد جبل مثله، لأنه لم يصد فيه أحد؛ لعلوه، إلا هذا الأمير، وذلك الأمر هو الصيد والنزهة واللهو، وليس هذا موضعاً لهذه الأمور، فلهذا قال: لم يعهد.

وروى أبو الفتح: أي أن الأمير لم يعهد على ذلك، لأن عادته الاشتغال بالجد والتشمر دون اللهو واللعب والطرب.

بكل مسقي الدماء أسود

معاودٍ مقودٍ مقلد

يقول: زرنا هذا الجبل بكل كلب أسود، قد سقى الدماء من الصيد، وهو معود للصيد ضار، وفي عنقه مقود: أي عليه قلادة.

بكل نابٍ ذربٍ محدد

على حفافي حنكٍ كالمبرد

الذرب: المحدود. والحفافان: الجانبان يقول: له ناب حاد، وهذا الناب على جانبي حنك صلب خشن كأنه مبرد.

كطالب الثأر وإن لم يحقد

يقتل ما يقتله ولا يدري

يقول: إنه لحرصه على الصيد كأن له عنده ثأراً، وإن لم يكن له حقد، وإنه إذا قتل صيداً لم يخف أن يطالب بديته فلا تجب عليه ولا يبالي لذلك.

ينشد من ذا الخشف ما لم يفقد

فثار من أخضر ممطورٍ ندي

يقول: الكلب يطلب هذا الخشف كأنه قد فقده، وليس الأمر كذلك. فثار: أي ظهر الخشف لما رأى الكلب يطلبه من بين روضٍ أخضر قد أصابه المطر فهو ندي من المطر والروائج الطيبة.

كأنه بدء عذار الأمرد

فلم يكد إلا لحتفٍ يهتدي

يقول: كأن هذا الروض الأخضر ابتداء عذار الأمرد حين خروجه. ثم يقول: إن الخشف لم يكد يهتدي إلا لما فيه هلاكه؛ لأن ثورانه كان سبباً لهلاكه.

ولم يقع إلا على بطن يد

ولم يدع للشاعر المجود

وصفاً له عند الأمير الأمجد

الملك القرم أبي محمد

يقول: لم يقع هذا الخشف إلا على بطن يد. وقيل: أراد أنه لم يقع على الأرض إلا اختطفوه في الحال، فلم يقع إلا على أيديهم.

ولم يدع هذا الغزال للشاعر الجيد الشعر وصفاً له! إنه صار عاجزاً من بين الغزلان. وقيل: إن الكلب بالغ في صيده حتى فاق الوصف، وأعجز كل شاعر عن وصفه عند الأمير.

والهاء في له للغزال وللكلب. وقيل: للشاعر.

القانص الأبطال بالمهند

ذي النعم الغر البوادي العود

يقول: هو الملك السيد الذي يصيد الشجعان بالسيف المهند، وهو ذو النعم الظاهرة المشهورة، يبتدىء بها ويعيد، فهي متتابعة.

إذا أردت عدها لم أعدد

وإن ذكرت فضله لم ينفد

يقول: إذا أردت إحصاء نعمه لم أجد لها عدداً لكثرتها، وإن أردت وصف فضله لم ينفذ ولم ينقطع.

وقال وقد استحسن عين بازٍ في مجلسه فقال يصفها:

أياما أحيسنها مقلةً ... ولولا الملاحة لم أعجب

الأصل: ما أحسنها مقلةً! فصغر فعل التعجب لنا للتعظيم أو للتلطف.

وإنما جاز تصغيره مع أنه فعل، لأنه أشبه الأسماء فلا ينصرف فأعطى بعض الأحكام.

يقول: ما أحسن هذه المقلة! ولولا ملاحتها ما عجبت منها. ولكن ملاحتها حملتني على التعجب.

خلوقيةٌ في خلوقيها ... سويداء من عنب الثعلب

خلوقية: خبر ابتداء محذوف، أي هي خلوقية. وهو ضرب من الطيب أحمر يميل إلى الصفرة.

يقول: إن عينها الموصوفة بالحسن خلوقية أي تشبه لون الخلوق. لونها: حبة سوداء كأنها من عنب الثعلب. وأراد بها الحدقة.

إذا نظر الباز في عطفه ... كسته شعاعاً على المنكب

<<  <   >  >>