للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول: إنهم في قلوب الناس أحلى من الحياة التي عادت بعد ذهابها، وإن ذكرهم عند الناس، أكثر من ذكرهم لأيام الشباب.

نصرت علياً يا ابنه ببواترٍ ... من الفعل لا فلٌّ لها في مضارب

يقول: قد فعلت من المكارم ما دل على كرم أبيك، فكأن ذلك كالنصرة له، وهذه السيوف البواتر من الفعل ليس في مضاربها فل. وقيل: أراد بذلك أنك ملت إليه بشبهك له. يقال: نصرت له بني فلان أي أتيتها وقصدتها.

وأبهر آيات التهامى أنه ... أبوك وإحدى مالكم من مناقب

يقول: أعظم آيات التهامى كونه أباك، ولكم مناقب كثيرة، وكون النبي صلى الله عليه وسلم جدك وأباك إحدى تلك المناقب.

وهذا في الظاهر يوجب تفضيله على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.

وذكر ابن جنى أن أبا الطيب: كان يتعسف في الاحتجاج له والاعتذار بما لست أراه مقنعاً، وأعرضت عن ذكره.

إذا لم تكن نفس النسيب كأصله ... فماذا الذي يغني كرام المناصب؟

النسيب: ذو النسب الكريم. والمناصب جمع منصب والمنصب: الأصل.

يقول: إذا لم يكن الرجل كريماً في نفسه وفعله، لم ينفعه كرم أصله.

وما قربت أشباه قومٍ أباعدٍ ... ولا بعدت أشباه قومٍ أقارب

يقول: لا يغني تشابه الخلق إذا تباعدت الأفعال، ولا يضر فقد التشابه في الخلق، إذا وجد التشابه في الأفعال الشريفة الكاملة.

إذا علويٌّ لم يكن مثل طاهرٍ ... فما هو إلا حجةٌ للنواصب

النواصب: معادون لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

يقول: كل علويٍّ لا يشبهه من أولاده، فهو حجة للنواصب؛ لأنهم يتمسكون به.

يقولون: تأثير الكواكب في الورى ... فما باله تأثيره في الكواكب

يقول: إن الناس يزعمون أن الكواكب تؤثر في الخلق، فتسعد قوماً وتنحس آخرين! وهذا الممدوح يؤثر في الكواكب ويصرفها على مراده، ولا تقدر الكواكب على منعه منه، ولأنه علاها فجعلها معلوة بعد أن كانت عالية على كل شيء.

وقيل: إن تأثيره في الكواكب هو إثارة الغبار بخيله في غزواته حتى لا تظهر النجوم ويزول ضوء الشمس فتطلع الكواكب بالنهار.

علا كتد الدنيا إلى كل غايةٍ ... تسير به سير الذلول براكب

الكتد والكتد: أعلى الكتف. وقيل: العنق.

يقول: علا كتد الدنيا فهي تسير به إلى كل غاية، كما يسير الجمل الذلول، والفرس.

وحق له أن يسبق الناس جالساً ... ويدرك ما لم يدركوا غير طالب

جالساً: حال من الضمير في يسبق. غير: حال من الضمير في يدرك.

يقول: حق للممدوح أن يسبق الناس جالساً، بما قد اجتمع فيه من الفضائل والمناقب، وأن يدرك من غير سعي ما لا يدركه أحد.

ويحذى عرانين الملوك وإنها ... لمن قدميه في أجل المراتب عرانين نصب لأنه مفعول ثان ليحذى. والمفعول الأول ضمير الممدوح.

يقول: حق له أن يجعل أنوف الملوك نعلاً لقدميه! وكأن ذلك أجل مرتبة لها، وأعز مكاناً؛ لأنها تتشرف بشرفه.

يدٌ للزمان: الجمع بيني وبينه ... لتفريقه بيني وبين النوائب

الجمع: مبتدأ، ويدٌ خبره. وهي النعمة.

يقول: جمع الزمان بيني وبينه أي الممدوح، فهذه نعمة للزمان علي، لأنه فرق بيني وبين نوائب الدهر.

هو ابن رسول الله وابن وصيه ... وشبههما شبهت بعد التجارب

يقول: هو يشبه رسول الله، وعلياً، فعلاً وفضلاً، ولم أقل ذلك من جهل، ولكن عن تجربة وعلم.

يرى أن ما ما بان منك لضاربٍ ... بأقتل مما بان منك لعائب

ما: الأولى نافية. والثانية: بمعنى الذي، واسم أن: محذوف. والتقدير: أنه ليس الذي بان منك لضارب، بأقتل مما بان منك لعائب.

يقول: هو يرى أنه ليس ما ظهر منه لحد السيف، بأقرب إلى القتل مما ظهر منه للعائب أن يعيبه. أي أن القتل أسهل عنده من العيب! والعيب أشد من القتل ومثله:

فتىً يتقي أن يخدش الذم عرضه ... ولا يتقي حد السيوف البواتر

ألا أيها المال الذي قد أباده ... تعز فهذا فعله في الكتائب

روى: أباره وأباده: أي أهلكه.

يقول لماله الذي قد فرقه في العطاء: تعز على إهلاكه إياك؛ فهكذا يفعل في الكتائب ويبرزها.

لعلك في وقتٍ شغلت فؤاده ... عن الجود أو كثرت جيش محارب

<<  <   >  >>