للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معناه: من مثل الأمير؟ وقيل معناه: لا تستقر المملكة حتى يفعل مثل ما فعله سيف الدولة. فإنه يطلب أمراً بعيداً فيقرب هذا الأمر عليه: طول الرماح وخيله وإبله، أي يقصد إليه برماحه وإبله.

وعزمةٌ بعثتها همّةٌ زحلٌ ... من تحتها بمكان التّرب من زحل

زحل: مبتدأ. والمكان: خبره. والهاء في تحتها: للهمة. وفي بعثتها للعزمة.

يقول: قرب عليه مرامه عزمة بعثتها همة عالية، بحيث زحل نحت هذه الهمة بمكان التراب من زحل! أي أن ما بينها وبين زحل من البعد مثل ما بين زحل والتراب.

على الفرات أعاصيرٌ وفي حلبٍ ... توحّشٌ لملقّى النّصر مقتبل

الأعاصير: جمع إعصار، وهو غبار الحرب، ورهج الخيل.

يقول: على الفرات غبار الخيل من كثرة الحروب والنزول عليها، وفي حلب توحش بمفارقتها سيف الدولة، وهو ملقى النصر، ملقاه حيث توجه. مقتبل: أي هو في أول شبابه. وقيل: معناه أنه حسن تقبله العيون، وتحبه القلوب.

تتلوا أسنّته الكتب الّتي نفذت ... ويجعل الخيل أبدالاً من الرّسل

فيه وجهان: أحدهما: أن أسنته تتلوا الكتب الواردة إليه من أخيه ناصر الدولة، فجعل جواب كتبه خروجه إليه بنفسه، وجعل خيله بدل رسله. وهذا مثل قوله: فليته في محفل.

والثاني: أنه إذا كتب إلى الأعداء فأسنته تتبعها، وإنما يكتب إلى أعدائه ليعرفهم أنه متوجه إليهم، حتى لا يكون خروجه اغتيالاً؛ لأن هذا داخل في الشجاعة من أن يقصدهم مفاجأة، لأنه يدل على الجبن والاغتيال، وهذه فائدة كتبه إلى أعدائه.

يلقى الملوك فلا يلقى سوى جزر ... وما أعدّوا فلا يلقى سوى نفل

جزر: بمعنى مجزور، أي مقطوع. وقيل: هي جمع جزور. أي كأنهم جزر يساقون إليه لينحرهم.

يقول: إنه كلما لقى ملكاً في حرب قتله وغنم أمواله، فهي جزر لسيوفه، وما له غنيمة له ولعسكره.

صان الخليفة بالأبطال مهجته ... صيانة الذّكر الهنديّ بالخلل

الخلل: جمع الخلة، وهي غاشية جفن السيف. وقيل: هي واحد، وجمعه أخلة. والذكر الهندي: هو السيف. والهاء في مهجته قيل لسيف الدولة ومعناه: أن الخليفة صان مهجة سيف الدولة بما ضم إليه من الجند والفرسان، كما يصان السيف بالخلل.

لما كان للدولة سيفاً جعل الخليفة والأبطال جفناً، وفيه إشارة إلى أن الاعتماد في الحرب عليه والجند فضلة، كما أن العمل للنصل دون الجفن.

وقيل: الهاء في مهجته للخليفة أي أنه صان نفسه بالأبطال الذين مع سيف الدولة، صيانة السيف بالخلل؛ لأنهم يقاتلون عنه أعداءه مع سيف الدولة فيصونه عن الأعداء.

الفاعل الفعل لم يفعل لشدّته ... والقائل القول لم يترك ولم يقل

يقول: إنه يفعل أفعالاً تعجز الناس عنها فيتركونها، أو أنهم لم يعرفوا ما يفعله من الأفعال ولم يهتدوا إليها، ويقول أقوالا حاول البلغاء أن يقولوا مثلها فلم يقدروا على ذلك، ولم يأتوا بها على وجهها ولم يتركوها؛ لأنهم تعرضوا لها ولم يستوفوا ما فيها من أنواع الفصاحة، فهي غير مقولة ولا متروكة. ومثله قوله من قصيدة أخرى:

فأنطق واصفيه وأفحما

وقيل معناه: أنه يقول أقوالا لم تعرف فلم تقل، ولم تترك لأنها إذا لم تعرف لا يمكن تركها، لأنه ما لا يعرف، كما لا يفعل، لا يترك.

والباعث الجيش قد غالت عجاجته ... ضوء النّهار فصار الظّهر كالطّفل

غالت: أي أهلكت. وفاعله العجاجة ومفعوله ضوء النهار والهاء في عجاجته للجيش لفظاً، والطفل: آخر النهار.

يقول: هو الذي يبعث الجيش العظيم الذي يستر غباره الشمس حتى يصير وقت الظهر مثل آخر النهار: وقت المغرب.

الجوّ أضيق ما لاقاه ساطعها ... ومقلة الشّمس فيه أحير المقل

أضيق قيل: في معنى ضيق. أي أن الجو يضيق بما لاقاه من الغبار. وقيل: هي على أصلها. أي أشد ضيقاً. والهاء في ساطعها للعجاجة وفي لاقاه للجو وفي فيه لساطعها.

يقول: إن أضيق الأشياء - بما يسطع عن غبار هذا الجيش - هو الهواء: الذي هو أوسع الأشياء، وإذا كان الهواء كذلك فما ظنك بغيره؟! وهذا الغبار أيضاً يغطي نور الشمس وقرصها حتى صارت عين الشمس أحير العيون في هذا الغبار، فكيف أحوال سائر العيون؟!

ينال أبعد منها وهي ناظرةٌ ... فما تقابله إلاّ على وجل

ينال: فعل السيف. والهاء في منها: للشمس، أو لمقلتها.

<<  <   >  >>