للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: هذه النارة هندية: أي سيوف مطبوعة بالهند، فهي تصغر المقتول وتعظم القتال، ويدرك بها العز والشرف.

قاسمتها تلّ بطريقٍ فكان لها ... أبطالها ولك الأطفال والحرم

يقول قسمت أهل هذه البلد بينك وبين سيوفك، فأعطيتها الأبطال، وأخذت لنفسك النساء والأطفال.

تلقى بهم زبد التّيّار مقربةٌ ... على جحافلها من نضحه رثمٌ

التيار: الموج. والمقربة: ها هنا، هي السفن. والرثم: بياض في شفة الفرس العليا. والضمير في بهم يعود إلى أصحاب الخيل وإلى السى.

يقول: سبيت الأطفال والحرم، وشحنت بهم السفن، وعبرت بهم النهر. وشبه السفن في النهر بالخيل المقربة، وشبه زبد الماء على مقاديم السفن بالرثم، وجحافل الخيل: أراد بها الخيل نفسها.

دهمٌ فوارسها ركّاب أبطنها ... مكدودةٌ وبقومٍ لا بها الألم

يقول: إن هذه الخيل دهم. يعني: أن السفن مطلية بالقار، وفوارسها يركبون بطونها، بخلاف الخيل التي يركب ظهورها، وهي مكدودة في السير، ولكن ليس بها ألم الكد، وإنما يلحق الكد والتعب قوماً آخرين، وهم الملاحون.

من الجياد الّتي كدت العدوّ بها ... ومالها خلقٌ منها ولا شيم

يقول: هذه السفن، هي بعض خيلك التي تكيد بها عدوك، ولكنها لا تشبهها في الخلقة ولا في الطبع.

نتاج رأيك في وقتٍ على عجلٍ ... كلفظ حرفٍ وعاه سامعٌ فهم

يقول: هذه السفن كانت نتيجة رأيك لما أردت أن تعبر النهر بالسبي، أنشأتها في أسرع وقت، وكانت المدة في اتخاذها، في القصر كمدة فهم السامع كلمة نطق بها الناطق.

وقد تمنّوا غداة الدّرب في لجبٍ ... أن يبصروك فلمّا أبصروك عموا

في لجب: أي في اختلاط أصوات. وروى: في لجب: أي في جيش ذا لجب.

يقول: كانوا يتمنون لقاءك حين كانوا على الدرب، فلما عاينوك عموا: أي ماتوا، فزالت أبصارهم.

وقيل: تحيروا لما نظروا إليك فلم يملكوا أبصارهم.

وقيل: عموا عن الرأي؛ لما لحقهم من الخذلان.

صدمتهم بخميسٍ أنت غرّته ... وسمهريّته في وجهه غمم

وروى صبحتهم بدل صدمتهم والغمم: كثرة الشعر على الناصية والقفا، شبه الجيش بفرس، وشبه سيف الدولة بغرته، والرماح بشعر ناصيته، وإنما شبهه بالغرة لتقدمه على الجيش، أو لأنه كان يزين الجيش كما تزين الفرس غرته

فكان أثبت ما فيهم جسومهم ... يسقطن حولك والأرواح تنهزم

يقول: كانت جسومهم أثبت شيء منهم؛ لأنها إذا سقطت عن الدواب ثبتت مكانها، والأرواح كانت تطير ولا تستقر.

والأعوجيّة ملء الطّرق خلفهم ... والمشرفيّة ملء اليوم فوقهم

الأعوجية: الخيل المنسوبة إلى أعوج، وهو فرس كريم كان لكندة، فأخذه بنو سليم في بعض أيامهم، فصار إلى بني هلال.

يقول: انهزموا وتبعتهم خيلك وكانت تملأ الطرق، لانبساطها على وجه الأرض. ولما كانت السيوف تعلوا في الجو، جعلها ملء النهار لأنه ما بين السماء والأرض ولأن النهار من الشمس والشمس تعلو.

إذا توافقت الضّربات صاعدةً ... توافقت قللٌ في الجوّ تصطدم

يقول: إذا اتفقت الضربات في الصعود إلى الرءوس: أي وقعت في وقت واحد، توافقت الرءوس في انحدارها، ويصطدم بعضها ببعض، وإنما قال: صاعدة لأن الحذاق يضربون السيوف من تحت إلى فوق وصاعدة نصب على الحال.

وأسلم ابن شمشقيقٍ أليّته ... ألاّ انثني فهو ينأى وهي تبتسم

يقول: انهزم وترك يمينه التي حلف، ألا انثني عنك، فكان يبعد هو في الهرب ويمينه تبسم من عمله بها.

لا يأمل النّفس الأقصى لمهجته ... فيسرق النّفس الأدنى ويغتنم

يقول: هو يتوقع القتل، ولا يطمع في أن يبقى، وهو النفس الأقصى، فيسرق النفس الأدنى: أي الأقرب منه ويعده غنيمة، ولا يأمل أن يتنفس نفساً بعده.

تردّ عنه قنا الفرسان سابغةٌ ... صوب الأسنّة في أثنائها ديم

السابغة: الدرع، وهي فاعلة ترد والهاء في عنه للبطريق.

يقول: إن الخيل كانت في إثره تطعن ظهره وهو منهزم، ولكن رد عنه رماح الفرسان درعه المحكمة، مع أن وقع الأسنة عليها في الكثرة كوقع المطر.

تخطّ فيها العوالي ليس تنفذها ... كأنّ كلّ سنانٍ فوقها قلم

فيها: أي في السابغة.

<<  <   >  >>