للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: أنت مثل الشمس حسناً وإساءة، فهي لوحتني وأنت أسقمتني، وكلاكما دلت بالبهاء، وأبهاكما زادت في الإساءة والتأثير، وهي العطبول. يعني: كما زادت عليها في البهاء والنعومة، زادت في الإساءة إلي والتحول.

نحن أدرى وقد سألنا بنجدٍ ... أطويلٌ طريقنا أم يطول؟

أدرى: أفعل التفضيل من دريت.

يقول: نحن أعلم بطريقنا هل هو طويل على الحقيقة، أم يطوله الشوق إلى المقصود، أو العوائق من رغبتي إلى غير المقصود، من الملوك ومن المرض وغير ذلك، وإن كنا نسأل عن الطريق ونستخبر الركبان عن المسافة بيني وبينه.

وكثيرٌ من السّؤال اشتياقٌ ... وكثيرٌ من ردّه تعليل

يقول: أنا أسأل عن حال الطريق مع علمي بها؛ اشتياقاً إلى المقصود، وكثير من السؤال يكون من فرط الاشتياق، لا عن جهل وطلب معرفة. وقوله: وكثير من رده تعليل: أي ربما رد في جواب السائل ما ليس بالجواب، وإنما هو تعليل وتطييب لنفس السائل، كقولك لمن سألك عن مكان: قد بلغته ولم يبق إلا يسير. والهاء في رده للسؤال: أي وكثير من رد جوابه، ثم حذف المضاف.

لا أقمنا على مكانٍ وإن طا ... ب ولا يمكن المكان الرّحيل

لا أقمنا جواب قسم محذوف: أي والله لا أقمنا على مكان وإن طاب ذلك المكان. وإن المكان لا يمكنه الرحيل معنا إلى سيف الدولة.

يطمع سيف الدولة بالرجوع إليه.

يقول: والله لا أقمت ببلد وإن طاب لي، إلا أن يرحل معي إليك، فكما أنه لا يمكنه الرحيل كذلك لا أقيم عليه، والواو للحال، كأنه قال: لا أقمنا على مكان غير متمكن من الرحيل معنا.

وقيل: لا أقمنا: بمعنى الدعاء كقولك: لا يفضض الله فاك.

كلّما رحبّت بنا الرّوض قلنا: ... حلبٌ قصدنا وأنت السّبيل

يقول: كلما نزلنا روضة فرحبت بنا كي ننزل عليها، أي أظهرت لنا حسنها وخضرتها وطيب مكانها، فجعل ذلك بمنزلة البشر منها، والترحيب للمقام فنقول لها: حلب قصدنا، وأنت طريقنا إليها.

وقيل: أراد رحب بنا أهل الأرض.

فيك مرعى جيادنا والمطايا ... وإليها وجيفنا والذّميل

الوجيف، والذميل: كلاهما سير سريع.

يقول: وقلنا للروض: وأنت طريقنا ومرعى خيلنا وإبلنا، ومسيرنا إلى حلب، وأنث الروض؛ لأنها جماعة الروضة.

والمسمّون بالأمير كثيرٌ ... والأمير الّذي بها المأمول

يقول: الأمراء من حيث الاسم في الدنيا كثير، والأمير الذي بها: أي بحلب، هو الذي يرجى فضله ويؤمل نائله.

الّذي زلت عنه شرقاً وغرباً ... ونداه مقابلي لا يزول

يقول: الأمير المأمول الذي بعدت عنه، وسافرت شرقاً وغرباً، وعاؤه مقابل لي حيثما كنت فهو لا يفارقني.

ومعي أينما سلكت كأنّي ... كلّ وجهٍ له بوجهي كفيل

أي كل ناحية وجهة من الأرض.

يقول: نداه معي أينما توجهت، حتى كأن كل مكان كفيل له بوجهي، حتى يوصلني إليه.

وإذا العذل في النّدى زاد سمعاً ... ففداه العذول والمعذول

يقول: إذا سمع العذل أحد في الجود، سمع عذله أو لم يسمعه، ففدى الله سيف الدولة كل عاذل، فإنه لا يصغي إلى عذل عاذل.

وموالٍ تحييهم من يديه ... نعمٌ غيرهم بها مقتول

وموال: عطف على قوله: ففداه العذول والمعذول: يعني جعل الله أصحابه وعبيده فداءً له، فإنهم إنما يعيشون بنعمه. وقوله: غيرهم بها مقتول: معناه أنه يهبهم المال والخيل، ويعطيهم الأسلحة فيقتلون بها أعداءهم.

وقيل: معناه يقتل أعداءه فيغنم أموالهم، ويهبها أولياءه فيحييهم بها.

فرسٌ سابق ورمحٌ طويلٌ ... ودلاصٌ زغفٌ وسيفٌ صقيل

الدلاص: الدرع البراقة. والزغف: اللينة اللمس، وهذا بدل من قوله: نعم التي تقدم ذكرها وتفسيرها.

كلّما صبّحت ديار عدوٍّ ... قال: تلك الغيوث، هذي السّيول

يقول: كلما صبحت نعمه التي هي: الخيل والسلاح والموالي والأصحاب ديار عدو قال العدو: هذه السيول من تلك الغيوث، وأراد بالغيوث: سيف الدولة وبالسيول: مواليه وسلاحه.

يعني: أنهم إنما قدروا على أعدائهم بسيف الدولة، كما أن السيف يكون من المطر.

وقيل: الغيوث: هي عطايا سيف الدولة. والسيول: ما وهبه لأبي الطيب. والمعنى: أنه وهبني هذه الأشياء فمتى قصدت بهذه الأجناس ديار العدو قال العدو: تلك العطايا التي هي كالأمطار تتولد منها هذه السيول.

<<  <   >  >>