للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدروا عفوا، وعدوا وفوا، سئلوا ... أغنوا، علوا أعلوا، ولواعدلوا

علوا: من عليت في المكارم، مثل علوت في المكان.

يقول: إذا قدروا على أعدائهم عفوا عنهم عند القدرة، وإذا وعدوا وفوا وأنجزوا، وإذا سألهم سائل أعطوه وأغنوه. ولما ارتفعوا في المكارم شاركوا أولياءهم في معاليهم، ولما ولوا بثوا العدل في الرعية.

فوق السّماء وفوق ما طلبوا ... فمتى أرادوا غايةً نزلوا

فوق السماء: أي علوا فوق الغايات التي يضرب بها المثل، وعلوا الرتب فإذا أرادوا غاية نزلوا إليها من العلو.

قطعت مكارمهم صوارمهم ... فإذا تعذّر كاذبٌ قبلوا

تعذر: أي اعتذر كاذب.

يقول: إن كرمهم قد قطع سيوفهم: أي منعها من القتل بالعفو، فإذا اعتذر إليهم مذنب قبلوا عذره، وإن كان كاذباً. كرماً منهم.

لا يشهرون على مخالفهم ... سيفاً يقوم مقامه العذل

يقول: إذا قدروا على دفع مخالفهم باللوم، لم يشهروا عليه السيف، ولم يتعدوا إلى القتال. يصفهم بذلك لكرم أخلاقهم.

فأبو عليٍّ من به قهروا ... وأبو شجاعٍ من به كملوا

يقول: إن آل بويه إنما قهروا أعداءهم بأبي علي ركن الدولة، وكمل فضلهم وفخارهم بأبي شجاع عضد الدولة.

حلفت لذا بركات نعمة ذا ... في المهد: ألاّ فاتهم أمل

يقول: حلفت لأبي علي بركات أبي شجاع أنه يريك فيه جميع آماله: أي كانت مخايل سؤدده لائحة عليه وهو صغير في المهد، فذا الأول لأبي علي، والثاني لأبي شجاع، وقيل المعنى: حلفت لأبي شجاع بركات نعمة أبي علي ألا يتجاوزها المل، فذا الأول إشارة إلى أبي شجاع والثاني إلى أبي علي.

وقال أيضاً يعزى عضد الدولة بعمته وقد توفيت بمدينة السلام.

آخر ما الملك معزّىً به ... هذا الّذي أثّر في قلبه

هذا دعاء بلفظ الخبر يعني: جعل الله هذه المصيبة التي أثرت في قلبك آخر ما تعزى به. أي: لا أعادها الله بعد هذه.

لا جزعاً بل أنفاً شابه ... أن يقدر الدّهر على غصبه

يقول: لو لم يؤثر هذا المصاب في قلبه جزعاً، لكن تداخلته الحمية والأنفة حيث قدر الدهر على غصبه عمته.

لو درت الدّنيا بما عنده ... لاستحيت الأيّام من عتبه

يقول: لو علمت الدنيا بما عنده من الفضل والمجد، لاستحيت من عتبه عليها؛ لأنها إذا أساءت إليه عتب عليها، لأجل هذه الإساءة.

لعلّها تحسب أنّ الّذي ... ليس لديه من حزبه

يقول: لعل الأيام ظنت أن من غاب عن حضرته، ليس من حزبه فأقدمت على ذلك لما رأتها بعيدةً عن نصرته.

وأنّ من بغداد دارٌ له ... ليس مقيماً في ذرا عضبه

الذرا: الناحية.

يقول: لعل الأيام ظنت أن من داره بغداد ليس في حماية سيفه، فلهذا عرضت لعمته لما كانت مقيمة ببغداد.

وقيل: كان ابن معز الدولة مقيماً ببغداد وهو ابن عمه. يعني: أنه في حماية سيفه. والمقصد تفضيله عليه.

وأنّ جدّ المرء أوطانه ... من ليس منها ليس من صلبه

يقول: لعل الأيام ظنت ألا نسب بينك وبين عمتك لما بعدت عنك، ولم تكن مقيمةً في وطنك الذي من عادتك وعادة أجدادك أن يكونوا فيه، ولعلها ظنت أن القوم يتناسبون بأوطانهم، فمن فارق وطنه لم يكن بينه وبين أهله نسب؛ فلهذا أقدمت عليها لما فارقت وطنك. والهاء في أوطانه للمرء وفي صلبه للجد.

أخاف أن يفطن أعداؤه ... فيجفلوا خوفاً إلى قربه

يقول: أخشى أن يفطن أعداؤه إلى أن من قرب منه آمن حوادث الدهر، فيسرعون إلى قربه؛ ليحصلوا في ذمته.

لا بدّ للإنسان من ضجعةٍ ... لا تقلب المضجع عن جنبه

يقول: لا بد للإنسان من الموت، فعبر عنه بالضجعة، ثم قال: تلك الضجعة لا تقلب المضجع عن جنبه. يعني: لا بد للإنسان أن يرقد رقدة لا ينقلب فيها من جنب إلى جنب، ولا ينتبه منها أبداً. ويعني بها ضجعة القبر.

ينسى بها ما كان من عجبه ... وما أذاق الموت من كربه

الهاء في بها للضجعة.

يقول: صاحب هذه الضجعة ينسى بسببها تكبره، وينسى عندها أيضاً ما ذاقه من مرارة الموت؛ لأنه لا يحس شيئاً.

نحن بنو الموتى فما بالنا ... نعاف ما لا بدّ من شربه؟!

<<  <   >  >>