للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: مات آباؤنا وأجدادنا ونحن نموت أيضاً، فكيف نكره ما لا بد لنا منه!! لأن الفرع يلتحق بأصله ويعود إليه. وقوله: نحن بنو الموتى مأخوذ من قول أبي نواس:

وما المرء إلاّ هالكٌ وابن هالكٍ ... وذو نسبٍ في الهالكين عريق

تبخل أيدينا بأرواحنا ... على زمانٍ هي من كسبه

يقول: كيف نبخل على الزمان بأرواحنا، وهي له وكسبه على ما جرت به عادة العرب في نسبة الأمور إلى الدهر.

وقيل: أراد أن الإنسان، هذه أحواله إلى آخر تربيته في الزمان، واختلاف أحواله تترتب على اختلاف أحوال الزمان، على ما جرت العادة به، فلهذا نسب أرواحنا إلى الزمان.

فهذه الأرواح من جوّه ... وهذه الأجسام من تربه

يقول: أرواحنا من جو الزمان، وأجسامنا من تربه، فنحن مركبون منه؛ وذلك لأن الجسم كثيف والأرض كثيفة، والروح لطيف كالهواء والشيء منجذب إلى شبهه.

لو فكّر العاشق في منتهى ... حسن الّذي يسبيه لم يسبه

يقول: لو تفكر العاشق في عاقبة حسن حبيبه الذي يسبي قلبه، فيعلم أنه يصير إلى الدود والتراب، لنفرت نفسه، ولم يسب قلبه.

لم ير قرن الشّمس في شرقه ... فشكّت الأنفس في غربه

هذا مثل. والمعنى: إذا ولد المولود، علم أنه سيموت لا محالة كما أن الشمس إذا طلعت لا يشك أحد في غروبها.

يموت راعي الضّأن في جهله ... ميتة جالينوس في طبّه

العرب تضرب المثل براعي الضأن فتقول: أجهل من راعي الضأن.

يقول: لا حيلة لأحد في الموت! يستوي فيه الأحمق الجاهل، والطبيب العالم فجهل هذا لا يقدم أجله، وعلم الآخر لا يؤخر موته.

وربّما زاد على عمره ... وزاد في الأمن على سربه

السرب: النفس. والهاء في عمره وسربه ضمير جالينوس.

يقول: ربما عاش الجاهل المخلط أكثر من العالم المهتم وربما زاد أمر الجاهل في نفسه إلى وقت موته على أمر العالم بها.

وغاية المفرط في سلمه ... كغاية المفرط في حربه

يقول: عاقبة من بالغ في الاحتراز، وتجاوز الحد في المسالمة وترك الحرب، كعاقبة المبالغ في التغرير بنفسه، والتعرض للحرب. يعني: غاية كل واحد منهما الموت الذي لا محيص لأحد عنه، فما بالنا نجزع منه!

فلا قضى حاجته طالبٌ ... فؤاده يخفق من رعبه

يقول: إذا كانت الحال هذه، فلا عذر لمن يجزع من الموت، فمن طلب حاجة وخاف الإقدام عليها حتى يخفق فؤاده من خوفه منها، فلا قضيت حاجته ولا بلغها. والهاء للخائف.

أستغفر الله لشخصٍ مضى ... كان نداه منتهى ذنبه

يعني: لم يكن له ذنب إلا جوده وسخاؤه، فجوده هو نهاية ذنبه. أي: لا ذنب له ومع ذلك أسأل الله له الغفران.

وكان من حدّد إحسانه ... كأنّما أسرف في سبّه

حدد: إحسانه أي حصره. وقيل: معناه من حدد ذكر إحسانه فحذف المضاف. يعني: أنه كان يكره أن يذكر فضائله، كأنه عنده سبه وذكره بالسوء في وجهه.

يريد من حبّ العلا عيشه ... ولا يريد العيش من حبّه

الهاء في حبه للعيش.

يقول: كان يحب الحياة ليكتسب فيها المعالي، ولم يكن يريد الحياة لأجل حبها وطلب اللذة فيها.

يحسبه دافنه وحده ... ومجده في القبر من صحبه

الهاء في يحسبه المفعول الأول ليحسب. والمفعول الثاني وحده.

يقول: من دفنه يحسب أنه دفنه وحده، ولم يعلم أن المجد مدفون معه. أي: قد مات المجد بموته. وقوله: من صحبه يريد أن مجده واحد من أصحابه؛ لأن معه المجد والعفاف والكرم والبر وغير ذلك.

ويظهر التّكير في ذكره ... ويستر التّأنيث في حجبه

يقول: نكنى عنه بلفظ التذكير إعظاماً له فنظهر التذكير وإن كان في حجبه. أي: هي أنثى مستورة في الحجب.

أخت أبي خير أميرٍ دعا ... فقال جيشٌ للقنا لبّه

يعني: أن هذا الشخص عمة عضد الدولة، وهو خير أمير دعا جيشه فقال الجيش للقنا: أجبه ولبه. أي: قل له: لبيك.

يا عضد الدّولة من ركنها ... أبوه والقّلب أبو لبّه

يقول: أنت زين ركن الدولة وكماله، كما أن العقل زين للقلب، فضله على أبيه. يعني: أنت لبه، وهو وعاء لك، والهاء في لبه للقلب.

ومن بنوه زين آبائه ... كأنّها النّور على قضبه

القضب: جمع قضيب. والنور: الزهر.

<<  <   >  >>