للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزراد: الذي يعمل الدروع. والسربال: القميص والسروال. واحد السراويل. والسرد: عمل الدروع ونسجها.

يقول: لو جذب الزراد أذيالي، وخيرني أن يسرد لي قميصا أو سراويل. وهو قوله: مخيراً لي صنعتي سربال ما طلبت منه إلا أنه يصنع لي سراويل، أحصن بها عورتي، ثم لا أبالي بعد ذلك بانكشاف سائر جسدي، إذا صنت العورة وحصنتها. وهذا مبالغة منه في بيان العفة.

وقيل: إن المراد بذلك أن كل ما علي حديد: فثوبي من حديد، وعمامتي من حديد، وتجافيف فرسي حديد. فلم يبق إلا أن أصنع سراويل من حديد.

وكيف لا وإنّما إدلالي

بفارس المجروح والشّمال

أبي شجاعٍ قاتل الأبطال

المجروح، والشمال: فرسان لعضد الدولة. وأبي شجاع: بدل من فارس. أي: كيف لا أكون كذا، وإنما أدل وأعتمد بفارس هذين الفرسين، وهو أبو شجاع الذي يقتل الشجعان كلهم.

ساقي كئوس الموت والجربال

لما أصار القفص أمس الخالي

وقتّل الكرد عن القتال

حتّى اتّقت بالفرّ والإجفال

فهالكٌ وطائعٌ وجالي

الجربال: الخمر. يعني: يسقى أعداءه كئوس الموت وأولياءه كئوس الخمر. والقفص: قوم من الأكراد، في نواحي كرمان، كان أهلكهم. والخالي: الماضي. والفر: الفرار. والإجفال: الإسراع في الهرب. وقتل الكرد: أي منعهم. والقفص: المفعول الأول لأصار. وأمس: المفعول الثاني.

يقول: لما قتل القفص حتى جعلهم منقضياً كأمس الماضي، وقتل الكرد عن آخرهم فلم يبق منهم مقاتلاً، حتى التجئوا إلى الفرار وصاروا بين ثلاثة أقسام: هالك قتل، وطائع سلم، وهارب قد خلا عن وطنه.

واقتنص الفرسان بالعوالي

والعتق المحدثة الصّقال

يقول: اصطاد الفرسان بالرماح والسيوف. العتق: القديمة، الحديثة الصقال؛ لأنها كل وقت يجدد صقالها.

سار لصيد الوحش في الجبال

وفي رقاق الأرض والرّمال

على دماء الإنس والأوصال

الرقاق من الأرض: ما كان رقيقاً، ليس بذي رمل؛ لأنه أطيب التراب. وقوله: سار جواب لقوله: لما أصار والمعنى: أنه بدأ أولا بالجد والحرب، ثم أتبعه بالنزهة والصيد.

يقول: لما قتل الكرد، عاد إلى صيد الوحش في السهول والجبال، فكان سيره في هذه الأرضين على دماء الإنس وأوصالهم. وأراد بالإنس: الكرد الذين قتلهم وأجرى دماءهم وأبان أوصالهم: وهي كل عظم يتصل بالآخر.

منفرد المهر عن الرّعال

من عظم الهمّة لا الملال

وشدّة الضّنّ لا الأستبدال

الرعال: جمع رعلة، وهي القطعة من الخيل. ونصب منفرد على الحال. يعني: كان يسير وحده منفرداً عن جيشه، ولم يكن يفعل ذلك مللاً بجيشه، وإنما فعله لعظم همته أن يدنو منه أحد، وأن يختلط الجيش به، وليتأمل عسكره ويميزه ويتفقده؛ لظنه به، ولو اختلط بهم لم يستبن له قدره.

وقيل: إن عظم قدره وعلو همته حمله على الصيد بنفسه وقوله: لا الاستبدال يعني: أنه لم يرد الاستبدال بجيشه لتنزهه بهم، لكن لشدة ضنه بهم، أو بنفسه عن الاختلاط بهم.

ما يتحرّكن سوى انسلال

فهنّ يضربن على التّصهال

يعني: أن الرعال، وهي الخيل، لا تتحرك ولا تمشي إلا على وجه الانسلال: وهو اللين والرفق، هيبةً أو حذراً من تنفير الصيد، فإن صهل منها فرس ضرب على صهيلة هيبةً له، وحذراً من نفور الصيد.

كلّ عليلٍ فوقها مختال

يمسك فاه خشية السّعال

من مطلع الشّمس إلى الزّوال

يعني: كل قائد مختال فوق هذه الخيل، كأنه عليل؛ هيبةً منه، ولا يصول خشية نفور الصيد فهو يمسك فاه خشيةً من أن يسعل.

وقيل: أراد أن العليل إذا كان يمسك فاه إذا حضره السعال وهو مع الرئيس، فكيف يكون حال من دونه؟! وهم كذلك من مطلع الشمس إلى وقت الزوال. ومثله لأبي تمام:

فالمشي همسٌ والنّداء إشارةٌ ... خوف انتقامك والحديث سرار

فلم يئل ما طار غير آل

وما عدا فانغلّ في الأدغال

وما احتمى بالماء والدّحال

من الحرام اللّحم والحلال

إنّ النّفوس عدد الآجال

لم يئل: أي لم ينج. وغير آل: أي غير مقصر. وانغل: دخل والأدغال: جمع دغل، وهو الشجر الملتف. واحتمى: أي امتنع. والدحال: جمع دحل، وهو المطمئن من الأرض يجتمع فيها ماء السماء وينبت القصب.

<<  <   >  >>