للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: كان سبب رحيلنا عن صيد الوحش تشويق الإكثار منها إلى الإقلال. يعني: كثر الصيد حتى شوقنا الإكثار، بما أدخل علنيا من الملال إلى الإقلال منها، فكان ذلك سبب رحيلنا.

فوحش نجدٍ منه في بلبال

يخفن في سلمى وفي قتال

البلبال: الهم. وسلمى: أحد جبلي طيئ، والآخر أجأ. وقتال: جبل بالقرب من دومة الجندل. والهاء في منه لأبي شجاع.

يقول: الوحش التي في نجد، لما سمعت بما صنع الأمير هنا خافت واضطربت في جبالها.

نوافر الضّباب والأورال

والخاضبات الرّبد والرّئال

والظّبي والخنساء والذّيّال

الضباب: جمع ضب. والأورال: جمع ورل وهي دابة أكبر من الضب على خلقته. والخاضبات: النعام إذا أكلت الزهر احمرت أطراف جناحها. والربد: جمد أربد وربداء، وهو الذي يضرب لونه إلى لون الرماد. والرئال: جمع الرأل، وهو فرخ النعام. والخنساء: البقرة الوحشية. والذيال: الثور الوحشي. ونوافر نصب على الحال من الوحش. أي: يخفن منه على هذه الحال. يعني: هذه الحيوانات الوحشية نافرة في نجد خوفاً منه.

يسمعن من أخباره الأزوال

ما يبعث الخرس على السّؤال

الازوال: جمع زول، وهو العجب.

يقول: وحش نجد يسمعن من أخبار عضد الدولة أخباراً عجيبة تبعث الخرس على السؤال لعجبها.

وقيل: أراد بالخرس الوحوش؛ لأنها لما سمعت بأخباره أقبلت مع خرسها يسأل بعضها بعضاً على هذا الخبر العجب.

وقيل: إن الهاء في أخباره تعود إلى الصيد. أي: يسمعن من أخبار الصيد.

فحولها والعوذ والمتالي

تودّ لو يتحفها بوالي

يركبها بالخطم والرّحال

الفاء فاء الجواب، وقيل: الفاء أصل، وهي فحول بضم الفاء جمع فحل. والعوذ: جمع عائذة، وهي القريبة العهد بالنتاج. والمتالي: جمع متلية، وهي التي يتلوها ولدها. والخطم: جمع خطام

يؤمنها من هذه الأهوال

ويخمس العشب ولا يبالي

وماء كلّ مسيلٍ هطّال

يعني: أنها تتمنى أن يبعث والياً، حتى يركبها بالأزمة والرحال، ويؤمنها هذا الوالي من أن يقصدها لصيدها، ولا يروعها بأهوالها، ويأخذ منها خمس العشب الذي ترعاه وخمس الماء الذي تشربه.

يا أقدر السّفّار والقفّال

لو شئت صدت الأسد بالثّعال

أو شئت غرّقت العدى بالآل

السفار: جمع المسافر. والقفال: جمع قافل، وهو الراجع من سفره. والثعالي: الثعالب. وأبدل الياء من الباء.

يقول لعضد الدولة: يا أقدر مسافر وراجع لو شئت أن تصيد الأسود بالثعالب لأمكنك ذلك؛ لسعادة إقبالك. والآل: السراب. يعني: لو شئت أن تفرق أعداءك بالسراب لأمكنك.

ولو جعلت موضع الإلال

لآلئاً قتلت بالآلي

الإلال: الحراب، واحدتها آلة، والآلئ: جمع لؤلؤة.

يعني: لو جعلت بدل الحراب لآلئ، لأمكنك أن تفعل بها ما تفعل بالحراب؛ لسعادة جدك فلا يتعذر عليك شيء ترومه.

لم يبق إلاّ طرد السّعالي

في الظّلم الغائبة الهلال

على ظهور الإبل الأبّال

السعال: جمع سعلاة، وهي الغول. وقيل: السعلاة أخبث الجن. والإبل الأبال: التي قد اجتزأت بالعشب عن الماء، الواحد: الأبل. يقال: أبلت الإبل تأبل أبلاً.

يقول: لم يبق إلا أن تطرد السعالي في الظلمات التي لا يطلع فيها القمر، على الإبل التي تجزئ بالرطب عن الماء.

فقد بلغت غاية الآمال

فلم تدع منها سوى المحال

في لا مكانٍ عند لا منال

الهاء في منها للآمال.

يقول: قد بلغت جميع الآمال، ولم تترك منها إلا ما هو المحال، وهو ما لا يحويه مكان، ولا يصل إليه منال، وهو المحال؛ لأن كل شيء لا بد من أن يحويه مكان ويدركه منال، خلا الله تبارك وتعالى فإنه لا يحويه مكان، ولا يدركه منال ولا مثال، وهو موجود حي.

وقيل: أراد قد بلغت ما يصح بلوغه فلم يبق إلا وراء العالم الذي لا يحويه مكان ولا يناله منال.

يا عضد الدّولة والمعالي

النّسب الحلي وأنت الحالي

بالأب لا بالشّنف والخلخال

حلياً تحلّى منك بالجمال

الحالي: الذي يلبس الحلي وحلياً نصب على المصدر.

<<  <   >  >>