الأول: أن الدماء التي خرجت من ثلاثة أسهم أصابت ثوبه وبدنه بلا شك ولا تجوز الصلاة معها بالاتفاق ولا يمكن إنكار ذلك فإنه قد رآه المهاجري بالليل حتى هاله ما رأى من الدماء فلما لم يدل مضيه في الصلاة على جواز الصلاة مع النجاسة كذلك لم يدل على أن الدم لا ينقض الوضوء.
الثاني: أنه فعل واحد من الصحابة فلعله كان مذهباً له، أو كان غير عالم بحكمه ولم ينقل أنه عرف النبي صلى الله عليه وسلم حاله وقدره ولم ينكر عليه، أو يجعل له ذهول في ذلك الوقت غير كون الدم ناقضاً، ولئن سلم ففعل الصحابي ليس بحجة عند الشافعي فكيف يحتج به.
الثالث: أن البخاري رواه تعليقا وهو ليس بحجة.
الرابع: أنه لا معارضة بين ما ذكرنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وبين فعل الصحابي، ولو سلم التعارض فالترجيح معنا، لأن مذهبنا مروي عن أكثر الصحابة وهو أحفظ، وأحاديثنا أصح وأكثر والترجيح بالكثرة ثابت عندهم وعند بعض أصحابنا، لأن ما ذكرناه مثبت وما ذكره ناف والمثبت أولى.
الحجة الرابعة له: أنه لو كان القيء الكثير مبطلاً للوضوء لكان القليل أيضاً مبطلاً له كالبول والغائط فلما سلم أبو حنيفة أن القليل غير ناقض لزم أن الكثير أيضاً غير ناقض.
الجواب عنه: أن هذا قياس في مقابلة النص الذي ذكرنا فلا يقبل، أو نقول الفرق ثابت بين القليل والكثير، وهو أن الناقض هو الخارج النجس والفم له حكم الظاهر من وجه وحكم الباطن من وجه بدليل أن المضمضة لا تفسد صومه وكذا لو بلع بصاقه لا يفسد صومه أيضاً عملاً بالشبيهين فالقيء الكثير أعطى له حكم الخارج، فإنه يمكن ضبطه نظراً إلى الوجهين.
ثم قال: دلائلنا نصوص ودليلكم قياس والنص أولى.
فالجواب عنه: أن ما ذكرناه نصوص صحيحة وما ذكره ضعيف كما مر تحقيقه.