خروج النجاسة من السبيلين وإليه الإشارة في قوله عليه الصلاة والسلام:: "فإنهما دم عرق انفجر" وقد وجد ذلك المعنى في الخارج النجس من غير السبيلين فوجد الانتقاض.
حجة الشافعي رحمه الله من وجوه:
الأول: ما رواه الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم: "احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل حجامته".
الجواب عنه: أن ما ذكرناه من الأحاديث قول وهذا فعل والقول مقدم على الفعل، أو نقول ما ذكرناه مثبت وهذا ناف والمثبت أولى من النافي، ولئن سلم التعارض فالترجيح فيما ذكرنا لأنه أحوط في باب العبادة، إذ المراد بالاحتجام قص الأظفار وحلق الشعر دفعاً للتعارض وهو لا ينقض الوضوء.
الثاني: ما رواه الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم: قاء ولم يتوضأ. وروى عنه أنه قاء ولم يتوضأ، فغسل فمه فقيل له: ألا تتوضأ وضوء الصلاة فقال: "هكذا الوضوء من القيء".
الجواب عنه: أن هذا الحديث غريب فلا يعارض ما ذكرناه، أو يحمل على ما دون ملء الفم توفيقاً بين الأحاديث وهو الظاهر من حال النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كثرة القيء إنما تنشأ من كثرة الأكل والنبي صلى الله عليه وسلم لم يشبع مدة عمره، أو يحتمل أنه كان ذلك في غير وقت الصلاة؛ فلا يحتاج إلى الوضوء فاكتفى بذلك.
الثالث: ما رواه أبو داود أن أنصاريا رمى في فيه في غزوة ذات الرقاع، فنزعه حتى رمى ثلاثة أسهم وهو في الصلاة فلم يقطعها فلما فرغ من صلاته نبه صاحبه المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال: سبحان الله هلا نبهتني أول ما رميت؟ فقال: كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها.