مسألة: مذهب أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم أنه لو أفطر صائم في رمضان متعمدا بالأكل والشرب يجب عليه القضاء والكفارة ومذهب الشافعي رحمه الله أنه لا تلزمه الكفارة.
حجة أبي حنيفة رضي الله عنه ما رواه الدارقطني عن عامر بن سعد عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطرت يوما من رمضان متعمدا قال: "أعتق رقبة أو صم شهرين متتابعين أو أطعم ستين مسكينا" وكذا روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إني أفطرت في رمضان فقال عليه الصلاة والسلام: "من غير سفر ولا مرض" قال: نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعتق رقبة" فهذا بإطلاقة يوجب الكفارة بالإفطار وإن كان بالأكل أو الشرب على أن بعض الرواة قال: إن الرجل قال: شربت في رمضان وهو الأصح عن أبي داود وقال: علي رضي الله عنه: إنما الأكل والشرب والجماع ولأن الكفارة إنما وجبت بالجماع لهتك حرمة الصوم بالإفطار وقد تحقق ذلك على الكمال بالأكل والشرب وهذا لأن الله تعالى أباح الأكل والشرب والجماع إلى أن يتبين الفجر ثم قال: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ} ١ أي احفظوها عن هذه المفطرات الثلاث إلى الليل فصار الإمساك عن هذه المفطرات ركنا للصوم فإذا وجبت الكفارة بفوت الإمساك عن الجماع فكذا بفوت الإمساك عن الأكل والشرب للاستواء في الركنية.
حجة الشافعي رحمه الله: أن أبا حنيفة رضي الله عنه يسلم أنه لو أفطر أولا بأكل الطين أو ابتلاع الحجر ثم أكل الطعام أو شرب الماء لا تجب عليه الكفارة وكذا لو ابتدأ بأكل الخبز وشرب الماء لا تجب عليه الكفارة لأنه لا تفاوت في الأكل بين أن يأكل الطين ويبلع الحجر ثم يأكل الطعام ويشرب الماء وبين أن يأكل الطعام ويشرب ابتداء.