الجواب عنه: أن هذا قياس مع الفارق وهو أنه إذا أفطر أولا بأكل الطين أو ابتلاع الحجر لم يبق صائما لقوله صلى الله عليه وسلم: "الفطر مما يدخل" والكفارة إنما تجب إذا أكل أو شرب وهو صائم بخلاف ما لو ابتدأ بالأكل والشرب لوجود الجناية على الصوم ثم قال: إن الجماع أقوى في الأثر لوجوب الكفارة من الأكل والشرب من وجوه:
الأول: أنه إذا اشتد الجوع يجوز أكل مال الغير بقدر الحاجة ولو اشتد شهوة الجماع لا يجوز قضاؤه من الحرام.
والثاني: أنه إذا اشتد الجوع والعطش يجوز له الإفطار ولو اشتد الشبق لا يجوز له الإفطار بالمباشرة فعلم أن الجماع في رمضان أشد إفطارا من الأكل والشرب.
الثالث: أن المحرم بالحج أو العمرة يجوز له الأكل والشرب ولا يجوز له الجماع.
والرابع: أنه لو أكل أو شرب الحرام لا يحد ولو جامع الحرام يحد.
والجواب عنه: أن التفاوت بين الجماع وبين الأكل والشرب في هذه الأشياء لا يوجب التفاوت في وجوب الكفارة لوجود المساواة في الركنية فإنا نعلم قطعا أن عين الجماع ليس بجناية لوقوعه في محل مملوك وإنما الجناية بالفطر لهتك حرمة رمضان بإفساد صومه والجماع آلته وذلك المعنى موجود في الإفطار بالأكل والشرب ولا يتفاوت الحكم بتفاوت الآلة فإن القصاص يجب بالقتل العمد سواء كان بالسيف أو السكين أو السهم.
مسألة: مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه إذا أفطر بالجماع مرارا في رمضان فعليه كفارة واحدة وتتداخل الكفارات إذا كان قبل أداء الكفازة.
ومذهب الشافعي أنه لا تتداخل الكفارات بل تجب لكل جماع كفارة.
حجة أبي حنيفة رضي الله عنه: أن الكفارة إنما تجب في الإفطار الأول: عقوبة على هتك حرمة الشهر فإذا تكرر منه الهتك قبل أداء الكفارة حصل