وقوله صلى الله عليه وسلم:"كل صلح جائز فيما بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا" وما روى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ردوا الخصوم كي يصطلحوا فإن فصل القضايا يورث بينكم الضغائن وما روى أن أعرابيا جاء إلى عثمان رضي الله عنه فقال: إن بني عمك عدوا على إبلي وقتلوا أولادها وأكلوا ألبانها فصالحه عثمان على إبل بمثل إبله من غير نكير
حجة الشافعي رحمه الله: الحديث الذي روينا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "كل صلح جائز إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما" وجه الاستدلال به أن المدعي إذا كان كاذبا فقد أخذ حراما وإن كان صادقا فقد حرم هذا الصلح حلالا لأنه ادعى الكل ثم أخذ البعض وحرم النصف الباقي
الجواب عنه: أن ترك الحق أو دفع المال جائز لدفع الخصومة عن نفسه وافتداء اليمين وقد روي عن حذيفة بن اليمان أن رجلا ادعى عليه حقا فقال: خذ عشرة ولا تحلفني فأبى فقال: خذ عشرين ولا تحلفني فأبى إلى أربعين وهذا صلح مع إنكار فلو لم يجز لم يفعله الصحابي ولأن الأصل في الأموال مباحة والحرمة لحق الغير فإذا رضى قد ارتفع المحرم فلا يكون في الصلح على الإنكار تحريم الحلال ولا تحليل الحرام على أن المراد بالحديث أحل حراما لعينه كالخمر أو حرم حلالا لعينه كالعسل والسكر وغيرهما ثم لو سلمنا الخبر فهو من الآحاد فلم يترك به القرآن وهو قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} .
مسألة: المحال عليه إذا مات مفلسا من غير قضاء الدين عاد الدين إلى ذمة المحيل عند أبي حنيفة رضي الله عنه وهو قول عمر وعثمان وشريح رضي الله عنهم وقال: الشافعي رحمه الله لا يعود.
حجة أبي حنيفة رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم:"لصاحب الحق اليد واللسان" ودين المحال عليه كان على المحيل وإنما رضي بانتقاله إلى المحال عليه بشرط سلامة حقه إليه إذ هو المقصود من الحوالة وإذا لم يسلم له فسخت الحوالة فيرجع الدين إلى ذمة المديون ولأن عثمان رضي الله عنه