قضى بعود الدين إلى ذمة المحيل وسئل عمر رضي الله عنه عن هذه المسألة فقال: يعود الدين إلى ذمة المحيل لا توى على مال امرئ مسلم فقد روي ذلك مرفوعا ومثله عن شريح من غير نكير.
وحجة الشافعي رحمه الله: أن البراءة قد حصلت مطلقة بالحولة فإذا برئت الذمة مرة فوجب أن لا تصير مشعولة مرة أخرى لأن الأصل في الأمر بقاؤه على ما كان.
الجواب عنه: أن البراءة كانت مقيدة بسلامة حقه لأن المقصود من الحوالة وصول حق صاحب الدين إليه فإذا مات مفلسا لم يحصل مقصوده والحوالة قابلة للفسخ فتنفسخ فصار كوصف السلامة في المبيع.
مسألة: إذا مات الرجل وهو مفلس فتكفل رجل عنه للغرماء لا يصح عند أبي حنيفة رضي الله عنه في حق أحكام الدنيا فلا يطالب به ولا يحبس بل يكون متبرعا في إسقاط دين الميت وعند الشافعي رحمه الله يصح فيطالب به في الدنيا.
حجة أبي حنيفة رضي الله عنه: أن الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة والميت لم تبق له ذمة فلا يمكن الضم إليها ولأنه كفل بدين ساقط لأن الدين هو القصد حقيقة ولهذا يوصف بالوجوب لكنه في الحكم مال لم يؤل إليه وقد عجز الميت بنفسه وبخلفه ففاتت عاقبة الإستيفاء فيسقط ضرورة فإذا سقط لا تلزم الكفالة عنه.
حجة الشافعي رحمه الله: ما روى أنه صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة رجل من الأنصار ليصلي عليه فقال: "هل على صاحبكم دين" قالوا نعم ديناران فقال: أترك لهما وفاء قالوا لا قال: "صلوا على صاحبكم" فقال: أبو قتادة هما علي يا رسول الله فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه.
الجواب عنه: يحتمل أن يكون أبو قتادة قال: ذلك وعدا بالتبرع بالأداء ولهذا لما أدى قال له صلى الله عليه وسلم: "الآن بردت جلده" ولا نزاع في أحكام الآخرة