للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد أمكن تصحيحه في حق أحكام الآخرة حتى لا يبقى للغريم أن يطالبه بالدين في الاخرة وصححناه في حقها لأن الدين لا يسقط بالموت في أحكام الآخرة والخلاف إنما هو في أحكام الدنيا ولا دلالة في الحديث عليه فإن التبرع بأداء الدين جائز من غير أن يثبت عليه ولا كلام فيه.

مسألة: الكفالة بنفس من عليه الدين تصح عند أبي حنيفة رضي الله عنه وهو قول عمر وعثمان وابن مسعود وابن عمر وجرير بن عبد الله وأبي بن كعب وعمران بن الحصين والأشعث بن قيس رضي الله عنهم وقال: الشافعي رحمه الله لا تصح.

حجة أبي حنيفة رضي الله عنه: قوله صلى الله عليه وسلم: "الزعيم غارم" من غير فصل بين النفس والمال وهذا يفيد مشروعية الكفالة ينوعيه إذ الزعيم هو الكفيل وجاء في تأويل قوله تعالى: في سورة يوسف عليه السلام {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ} ١ قال: ابن عباس رضي الله عنهما موثقا أي كفيلا بنفس الأخ المبعوث منهم وقال: الله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ٢ والكفالة بالنفس عقد فيجب الوفاء به وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم".

حجة الشافعي رحمه الله: أن الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص باطلة فكذا في الأموال والجامع أن إحضار الشخص لا قدرة له عليه.

الجواب عنه: أنه يقدر علي تسليمه بطريقة أن يعلم الطالب مكانه فيخلي بينه وبينه أو يستعين بأعوان القاضي والحاجة ماسة إليه فلا مانع من الجواز على أنه تصح الكفالة بنفس من عليه الحد فلا يجوز القياس عليه وإن لم يصح بنفس الحد ولو سلم القياس فهو مردود بمقابلة ما ذكرنا من القرآن والحديث وأفعال الصحابة رضي الله عنهم والله أعلم.


١سورة يوسف: الاية ٦٦.
٢سورة المائدة: الاية ١.

<<  <   >  >>