وإسناده صحيح، ورواه الطبراني في الكبير من طريق أخرى عن ابن عمر، وسنده صحيح أيضاً، وقد أورده في المجمع (٣/٣٠٥) وقال: (رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات) ، وأخرجه أحمد (٢/١٤٣) مختصراً بلفظ: (قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشير بيده يؤم العراق: ها إنَّ الفتنة ههنا، ثلاث مرَّات، من حيث يطلع قرن الشيطان) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرج في صحيحه (٨/١٨١) نحوه، وفي رواية له من وجه آخر عن سالم بن عبد الله، قال:"يا أهل العراق! ما أسأَلَكُم عن الصغيرة، وأركبَكم للكبيرة؟! سمعتُ أبي عبد الله بن عمر يقول"، فذكره، وأخرجه البخاري ومسلم أيضاً من وجه آخر عن سالم به مرفوعاً، وأخرج البخاري (١٣/٣٨ ـ بشرح العسقلاني) وأحمد (٢/١١٨) وابن عساكر من طريق نافع، عن ابن عمر مرفوعاً:"اللَّهمَّ بارك لنا في شامنا، اللَّهمَّ بارك لنا في يَمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: هناك الزلازل" الحديث، وأخرجه الترمذي وصحَّحه، وعزاه المنذري في الترغيب (٤/٦١) للترمذي وحده فوهم، وله عند أحمد (٢/١٢٦) طريق أخرى عن ابن عمر، ولحديثه الأول عند أبي نعيم شاهد من حديث ابن عباس، ساق لفظَه الهيثمي، وقال:(رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات) ، وروى بعضَه الخطيب في تاريخه (١/٢٤، ٢٥) ، ومن طريقه ابن عساكر من حديث معاذ بن جبل.
فيُستفادُ من مجموع طرق الحديث أنَّ المراد من (نجد) في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم، وإنَّما هو العراق، وبذلك فسَّره الإمام الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني، وتجد كلامَهما في ذلك في شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري للحافظ، وقد تحقَّق ما أنبأ به عليه السلام؛ فإنَّ كثيراً من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق ... ".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (١٣/٤٧) بعد أن نقل كلاماً للخطابي: "وقال غيره: كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ الفتنة تكون من تلك الناحية، فكان كما أخبر ... وأول الفتن كان من قبل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مِمَّا يُحبُّه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة، وقال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجدُه باديةَ العراق ونواحيها، وهي مشرق أهل المدينة، وأصلُ