٢٣ ـ ما ذكره عن أهل السنَّة من ذمِّ المناظرة والحوار، والجوابُ عن ذلك
قال في (ص: ١٦٢) تحت عنوان"ذم المناظرة والحوار": "الحوارُ والمناظرة كانت سائدة عند المعتزلة، وبحوارهم ومجادلتهم جلبوا لجمهورهم كثيراً من الناس، ويبدو أنَّه لَمَّا رأى الحنابلة هذا الأمر قد تفاقم وأنَّهم لا يستطيعون مناظرة المعتزلة قالوا بتحريم ذلك من باب ردة الفعل فقط فقط!! ".
والجواب: أنَّ أهل السنَّة والجماعة يُعوِّلون على النصوص الشرعية من الكتاب والسنَّة، وأهل الأهواء والبدع يُعوِّلون على العقول وعلم الكلام المذموم، وهم لا يرغبون مناظرة أهل البدع الذين يُجادلون بالباطل، معوِّلين على العقول مع اتِّهامهم للنقول؛ إمَّا لأنَّها آحاد، أو أنَّها قطعية الثبوت ظنيَّة الدلالة، ومع ذلك فإنَّهم تحصل منهم المناظرة أحياناً، ومن أمثلة ذلك مناظرة عبد العزيز بن يحيى الكناني بشراً المريسي في مسألة خلق القرآن بحضرة المأمون، وتلك المناظرة هي موضوع كتاب الحيدة للكناني، والمالكي نفسه يعلم هذا، وقد ذكَر اسمَ هذا الكتاب في أول الكتب التي أوردها قائلاً إنَّ الحنابلة يعوِّلون عليها، وقد مرَّ ذكر كلامه في الردِّ عليه في قدحه في كتب أهل السنَّة، وقد أبطل الكناني في هذه المناظرة مقالة خلق القرآن من المنقول وبالمعقول، وقد انقطع بشر المريسي وخذله الله بحضرة المأمون، كما هو واضح في كتاب الحيدة.
ومن ذلك مناظرة أبي إسحاق الإسفرائيني مع عبد الجبار المعتزلي في مسألة خلق أفعال العباد، قال عبد الجبار: سبحان مَن تنزَّه عن الفحشاء، وقصدُه أنَّ المعاصي كالسرقة والزنا بمشيئة العبد دون مشيئة الله؛ لأنَّ الله