١٨ ـ ثناؤه على المأمون الذي نصر المبتدعة وآذى أهل السنَّة وذمُّه للمتوكِّل الذي نصر السنَّة وأنهى المحنة
ذكر في (ص: ١٣٤) عنواناً بلفظ: "التناقض" أودعه هذياناً كثيراً في تناقض أهل السنَّة بزعمه، وسأقتصر على مثال واحد من ذلك، وهو قوله في (ص: ١٣٤ ـ ١٣٥) : "وتراهم يذمُّون السلطان إذا آذى أحد أتباعهم، وأنَّ هذا سلطان سوء، وينسون كل فضائله، كما فعلوا بالمأمون، وكان من أعدل ملوك بني العباس وأكثرهم علماً، فإذا جاء سلطان آخر أظهر نصرتهم يمدحونه بمبالغة ولو كان مبتدعاً ظالماً كالمتوكِّل، بل ويبدِّعون ويضلِّلون من يخالفه، ويرددون قواعد طاعة ولاة الأمور، وأن من لم يَدْعُ للإمام فهو صاحب بدعة!! ".
وهذا الكلام من المالكي فيه ثناء على المأمون الذي نصر المعتزلة وامتحن الناس بخلق القرآن، وآذى أئمَّة أهل السنَّة، وفي مقدِّمتهم الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ وفي مقابل ذلك يذمُّ المتوكِّل الذي أنهى المحنة ونصر أهل السنَّة، وقد قال الذهبي في ترجمة المأمون وهو عبد الله بن هارون الرشيد المتوفى سنة (٢١٨هـ) في سير أعلام النبلاء (١٠/٢٧٣) : "ودعا إلى القول بخلق القرآن وبالغ، نسأل الله السلامة"، وقال (١٠/٢٨٣) : "أمَّا مسألة القرآن، فما رجع عنها، وصمَّم على امتحان العلماء في سنة ثماني عشرة وشدَّد عليهم، فأخذه الله".
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (١٤/٢١٧ ـ ٢١٨) : "أمَّا كونه على مذهب الاعتزال، فإنَّه اجتمع بجماعة، منهم بشر بن غياث المريسي، فأخذ عنهم هذا المذهب الباطل، وكان يحب العلم ولم يكن له بصيرة نافذة فيه،