للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصفات وحمل ما ورد منها على مجاز الكلام، أدَّاه ذلك السَّلب إلى تعطيل الرَّبِّ وأن يشابه المعدوم، كما نُقل عن حماد بن زيد أنَّه قال: مَثل الجهمية كقوم قالوا: في دارنا نخلة، قيل: لها سَعَف؟ قالوا: لا، قيل: فلها كَرَب؟ قالوا: لا، قيل: لها رُطَب وقِنو؟ قالوا: لا، قيل: فلها ساق؟ قالوا: لا، قيل: فما في داركم نخلة! ".

والمعنى أنَّ من نفى عن الله الصفات، فإنَّ حقيقةَ أمره نفيُ المعبود؛ إذ لا يُتصوَّرُ وجود ذات مجرَّدة من جميع الصفات.

وأذكر هنا نماذج مِمَّا أورده المالكي تحت هذا العنوان"التجسيم والتشبيه" مع الإجابة عنها.

فمِن ذلك قوله (ص: ١٢٩) : "أما الأهوازي (الحسن بن علي بن إبراهيم وهو من غلاة أهل السنة، وغلاة أهل السنَّة حنابلة) الحنبلي، فقد ألَّف كتاباً طويلاً في الصفات أورد فيه أحاديث باطلة، ومنها حديث عرق الخيل الذي نصُّه: (إنَّ الله لَمَّا أراد أن يخلق نفسه خلق الخيلَ فأجراها حتى عرقت، ثم خلق نفسَه من ذلك العرق) تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً، والغريب أنَّنا نكفِّر مَن يقول بخلق القرآن أو يسبُّ أحد الصحابة، وفاعل هذا وإن كان مخطئاً، لكنَّه ليس كخطأ مَن يزعم أنَّ الله خلق نفسه من عرق الخيل، فعجباً لِمَن يُكفِّر مَن يقول أنَّ القرآن مخلوق، ولا يُكفِّر مَن يقول إنَّ نفس الله مخلوق!! ".

وقال تعليقاً على كلامه هذا: "وقد اتَّهمه ابن عساكر بأنَّه من الفرقة السالمية المجسِّمة، لكن ابن تيمية عدَّه في أهل السنَّة في الجملة، فاحتمل أمثال هؤلاء داخل أهل السنَّة مع ما ترى من بشاعتهم، ولم يحتمل دخول المعتزلة والجهمية ومعتدلي الشيعة، وهذه مفارقةٌ عجيبة!! ".

<<  <   >  >>