للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ، فلمَّا رأى أصحاب العقائد ومنهم السلفية الحنابلة أنَّ العودةَ للكتاب والسنَّة سيلغي أكثرَ الشتائم والتكفيرات والتبديعات والمخالفات الموجودة في كتب العقائد لجأوا إلى الزيادة على ما ذكره الله عزَّ وجلَّ بقولهم: "إنَّ الكتاب والسنَّة لا تكفي فلا خير في كتاب بلا سنَّة، ولا خير في سنَّة بلا فهم السلف الصالح"!! وهكذا نفوا الخيرية عن الكتاب والسنَّة بهذا الشرط البدعي الذي اشترطوه، وانتقصوا به من كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أقول: ولا أدري هنا ماذا يقصدون بـ (فهم السلف) إن كانوا يقصدون الصحابة فقد اختلف الصحابة في فهم كثير من العقائد والأحكام فبأيِّ فهم نلتزم؟! وإن كانوا يقصدون اتباع ما فهمه الصحابة كلهم فهذا لا يخالف فيه أحد لكن حصول هذا الإجماع في الفهم صعب بل مستحيل إلاَّ في أمر دليله واضح.

وإن قصدوا اتِّباع فهم آحاد السلف فيما لم يختلفوا فيه (كذا) ، قيل لهم اختلافهم في الفهم دليل على أنَّ فهمهم يخطئ ويصيب؟! فإذا كان كذلك فمن يضمن لنا أنَّ فهم الآحاد منهم ليس من القسم الذي أساءوا فهمه؟!

وقد فهم عدي بن حاتم من الآية الكريمة: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فهماً خاطئاً ردَّه عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وفهمت زوجات النَّبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أوَّلكنَّ لحوقاً بي أطولكنَّ يداً" على الحقيقة، بينما هذا كان مجازاً فهو كناية عن الإنفاق والصدقة، ففهمت ذلك زينب بنت

<<  <   >  >>