قال: فهل اختلفوا في الحج أنَّه بيت الله الذي يحجُّونه؟ قال: لا.
قال: فهل اختلفوا في الزكاة أنَّها من مائتي درهم خمسة؟ قال: لا.
قال: فهل اختلفوا في الغسل من الجنابة أنَّه واجب؟ قال: لا.
قال مسعر: فذكر هذا وأشباهه، ثم قرأ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} ، فهل تدري ما المحكم؟ قال: لا. قال: فالمحكم ما اجتمعوا عليه، والمتشابه ما اختلفوا فيه، شد نيَّتك في المحكم، وإيَّاك والخوض في المتشابه، قال: فقال الرجل: الحمد لله الذي أرشدني على يديك، فوالله! لقد قمت من عندك وإنِّي لَحَسن الحال، قال: فدعا له وأثنى عليه".
وهذا الأثر في إسناده مَن لم أقف على تراجمهم، وفيه بشر بن عمارة الذي يروي عن مسعر، قال فيه الحافظ ابن حجر في التقريب: "ضعيف"، فهو غير ثابت عن عمرو بن مرة.
وقوله في متنه: "أرأيتَ هل اختلفوا في أنَّ محمداً رسول الله، وأنَّ ما أتى به من الله حقٌّ؟ "، أقول: ما جاء به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حقٌّ يجب الإيمان به جملة وتفصيلاً، ويدخل في ذلك كلُّ ما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمالكي لا يقبل من الأحاديث الصحيحة إلاَّ ما يوافق هواه، وهو يزعم أيضاً أنَّه لا يعوِّل إلاَّ على ما كان من النصوص قطعيَّ الثبوت قطعيَّ الدلالة، وهذه طريقة أهل البدع، الذين لا يأخذون بأحاديث الآحاد في العقيدة؛ لأنَّها ليست قطعيةَ الثبوت بزعمهم، ثم أيضاً فأهل السنَّة لم يختلفوا في أنَّ القرآنَ كلامُ الله وأنَّه غير مخلوق، وأن الله يُرى في الدار الآخرة، وأنَّ عذاب القبر حقٌّ، وهذه المسائل الثلاث وغيرها مِمَّا خالف فيها بعض المبتدعة، والمالكي لا يريد ذكر شيء فيه اختلاف بين أهل السنَّة وغيرهم من فرق الضلال.