وقوله في (ص: ٢٤٧ ـ ٢٤٨) : "وعندما أتوا إلى قوله عزَّ وجلَّ: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} ، و {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} و ... إلخ من الآيات، قالوا: هذا نزول لأشياء مخلوقة، أي أنَّها نزلت مع الرحمة وبالامتنان بالنعمة.
ولَمَّا أتوا إلى أنَّ القرآن غير مخلوق، ما كان حجتهم التي يحاجُّون بها خصومَهم إلاَّ أن قالوا: إنَّ الله قد قال في القرآن: إنَّه منَزَّلٌ ولم يقل أنَّه مخلوق، وكأنَّ كلمة (أنزل) أصبحت مضادَّة لكلمة (خلق) في قاموسهم، وسبق أن قلنا: أنَّه يجب بناء قاموس لغوي جديد، نجمع فيه شوارد وكلمات هؤلاء القوم لينشأ لنا معجم لغوي، ونستطيع به التخاطب معهم، أوَلَم يقولوا قبل قليل: أنَّ الإنزال يكون للمخلوق كالماء والحديد والأنعام، ثم أصبحت الآن ـ في مسألة القرآن ـ صار معناها عدم الخلق؟! وهذا يدلُّ على أنَّ التركيب المعرفي في العقيدة السلفية مهلهل!!! ".
وأجيب على ذلك بما يلي:
١ ـ هذا الكلام القبيح من هذا المبتدع الضال فيه تقرير لمذهب الجهمية في قولهم بخلق القرآن، وتهكُّم بأهل السنَّة القائلين بأنَّ القرآن منَزَّلٌ غير مخلوق، والعجب أنَّ مِن الناس في هذا الزمان مَن يعيبُ على أهل السُّنَّة تكلُّمَهم في فرق الضلال كالجهميَّة؛ زاعماً أنَّ الكلامَ فيهم محاربةٌ لأناس قد ماتوا، وأنَّ ذلك بمثابة مَن يكون بيده سكِّين يضرب بها على قبر، ومن المعلوم أنَّ الجهميَّة وغيرَهم من أهل البدع لهم وارثون وإن ماتوا، فهذا فرخٌ من فروخ الجهميَّة حيٌّ يَمشي على الأرض، يُقرِّر الباطلَ ويَذُمُّ الحقَّ وأهلَه، وقد مرَّ النقل عن الإمام اللالكائي أنَّ علماء أهل السُّنَّة القائلين إنَّ القرآنَ كلامُ الله غير مخلوق لا يُعدُّون بالمئين فحسب، بل بالألوف، وعلقتُ عليه