للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظلاًّ!! فيا لله العجب! كيف أصبحت العقيدة لا تملأ العقل إلاَّ شكًّا، ولا القلب إلاَّ ظنًّا!! ".

فهو من الكذب البيِّن والإفك المبين؛ فإنَّ أهلَ السُّنَّة أبعدُ الناس عن القول بأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا ظلَّ له، والذي يقول مثلَ هذا الكلام بعضُ الصوفية، الذين يقولون: إنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم نورٌ فلا يكون له ظلٌّ، وهو قول باطل؛ لأنَّ نورَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نورُ هداية، نظيرُ النور الذي وصف الله به القرآن بقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} ، ولو كان نورُ الرسول صلى الله عليه وسلم حسيًّا كما يزعمون يعكس نورَ الشمس فلا يكون له ظلّ، لَم يحتج إلى الجلوس في ظلِّ الكعبة، والذي جاء في البخاري (٣٨٥٢) عن خبَّاب رضي الله عنه، وفي مسلم (٩٩٠) عن أبي ذر رضي الله عنه، ومثل ذلك ما جاء في حديث جابر في صحيح مسلم (٨٤٣) ، وفيه قال: "كنَّا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قالت أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها: "كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزَني فقبضتُ رجليَّ، فإذا قام بسطتُهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح" رواه البخاري (٣٨٢) ، ومسلم (٥١٢) ، فلو كان نورُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حسيًّا لا يكون معه ظلام الليل لم تحتج عائشة إلى أن تقول"والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح"، وعلى هذا فالقول بأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لا ظلَّ له قول بعض الصوفية، وهو من الغلوِّ والإطراء للرسول صلى الله عليه وسلم، وأهل السنَّة والجماعة هم أبعدُ الناس من هذا القول، لكن هذا الحكمي الضال لا يُميِّز بين مبتدع ومُهتد، فيُضيف هذا القولَ للصوفية إلى أهل السُّنَّة وهم بُرآءُ منه، والنور الذي يُثبتونه للرسول صلى الله عليه وسلم وللقرآن معناه الهداية، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .

<<  <   >  >>