المسندة فهي مشتملةٌ على الحقِّ، وإن وُجد فيها شيءٌ يسير لَم يصحَّ إسناده ولم يثبت متنه، فذلك يعرفه أهل العلم بالكتاب والسنَّة، ومرادُ مَن ذكَرَه بإسناده أن يُعلم ورودُه كذلك، وأنَّه لكذبه أو ضعف إسناده لا يُعوَّل عليه، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنَّة (٤/١٥) أنَّ عادةَ المحدِّثين أنَّهم يروون جميعَ ما في الباب لأجل المعرفة بذلك، وإن كان لا يحتج من ذلك إلاَّ ببعضه، وذكر أيضاً أنَّ المحدِّث يروي ما سمعه كما سمعه والدَّرك على غيره لا عليه، وأهلُ العلم ينظرون في ذلك، وفي رجاله وإسناده، وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (٣/٧٥) : "أكثرُ المحدِّثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلمَّ جرّا إذا ساقوا الحديثَ بإسناده اعتقدوا أنَّهم برئوا من عهدته، والله أعلم".
٤ ـ وأمَّا زَعْمه أنَّ معظمَ ما كتبوه في العقائد كان خلاف فهم السَّلف الصالح من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، فجوابه أنَّ منهجَ أهل السُّنَّة والجماعة في العقيدة اتِّباعُ الكتاب والسنَّة وفقاً لفهم السَّلف الصالح من الصحابة وتابعيهم بإحسان، كما سيأتي توضيحه عند الردِّ عليه في زعمه أنَّ قاعدة اتِّباع الكتاب والسنَّة بفهم سلف الأمَّة باطلة، بل إنَّ المالكيَّ نفسه يُنكر على أهل السُّنَّة تعويلهم على فهم السَّلف الصالح، ويزعم أنَّ ذلك بدعةٌ، وهذا من تناقضه!
٥ ـ وقد سرد المالكي جملة من كتب أهل السنَّة التي زعم أنَّها سببٌ في تمزيق المسلمين، وهو زعم باطلٌ؛ لأنَّ أهل السُّنَّة يُعوِّلون على الكتاب وعلى ما صحَّ من السنَّة في هذه الكتب وغيرها، وأمَّّا انحراف أهل البدع والأهواء عن الكتاب والسنَّة، فهو السبب الحقيقي لتفرُّقهم وتمزُّقهم، كما قال الله عزَّ