الإمام مسلم في صحيحه، عند روايته لحديث جبريل، وهو أوَّلُ حديث عنده في كتاب الإيمان، فإنَّه قال لِمَن أخبره عن ظهور القدرية بالعراق:"فإذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أنِّي بريء منهم، وأنَّهم بُرآءُ منِّي، والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لو أنَّ لأحدهم مثل أُحُد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتَّى يؤمنَ بالقدر"، ثم ساق حديث جبريل الطويل بروايته عن أبيه؛ من أجل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه:"وتؤمن بالقدر خيره وشرِّه".
وأمَّا الأحاديث في ذمِّ القدرية فقد رواها جماعةٌ من الصحابة، ولا تخلو أسانيد أكثرها من ضعف، ومن الأحاديث في ذمِّهم حديث أنس بن مالك مرفوعاً:"صنفان من أمَّتي لا يَردان عليَّ الحوض: القدرية والمرجئة"، أورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٧٤٨) .
ومن أعجب العجب أنَّ المالكيَّ شديد العطف على القدرية والتأييد لهم، ولا يُعجبه ما يُروى في ذمِّهم من أحاديث وآثار، وأمَّا أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فيزعم بوقاحة أنَّهم يُذادون عن الحوض ويُؤخذون إلى النار، ولا ينجو منهم إلاَّ القليل مثل همل النَّعم!!
ولزعم المالكي الباطل أنَّ كتبَ العقائد تشتمل على قليل من الحقِّ، فإنِّي أورد نصَّ رسالة مختصرة في عقيدة أهل السنَّة، ومؤلِّفها من المالكية، وهو ابن أبي زيد القيرواني، ومن المعلوم أنَّ الأئمَّة الأربعة ومَن سار على نهجهم على عقيدة واحدة، وهي عقيدة السلف، وهذه العقيدة المختصرة، كلُّ ما فيها حقٌّ، وليس فيها شيء من الباطل، وقد أردتُ من إيرادها أن يقف مَن يطَّلع على هذا الردِّ على صفاء عقيدة السَّلف ووضوحها وسلامتها، وعلى سوء مَن يحيد عنها ويُبتلَى باعتقاد ما يُخالفها، كما حصل لهذا المالكي الضال.