وأمّا ما ذكره المالكي مِن أنَّ مسلماً بوَّب لهذا باباً بعنوان"باب حبُّ عليٍّ والأنصار من الإيمان"، فإنَّ مسلماً ـ رحمه الله ـ لَم يضع في صحيحه أبواباً، وهو في حكم المبوَّب، وتراجم الأبواب إنَّما هي من عمل غيره، قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم (١/٢١) : "وقد ترجم جماعةٌ أبوابَه بتراجم بعضُها جيِّدٌ وبعضُها ليس بجيِّد، إمَّا لقصور في عبارة الترجمة، وإمَّا لركاكةِ لفظها، وإمَّا لغير ذلك، وأنا إن شاء الله أحرصُ على التعبير عنها بعبارات تليقُ بها في مواطنها، والله أعلم".
وبعد إيراد جمل من كلام المالكي في التشكيك والقدح في أحقيَّة أبي بكر بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والردِّ عليه أُورِد هنا بعضَ ما وقفت عليه من الأحاديث والآثار وحكاية الإجماع في بيان أحقيَّة أبي بكر بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي منقولة من كتابي الانتصار للصحابة الأخيار في رد أباطيل حسن المالكي، من (ص: ٧٢) إلى (ص: ٨٢) .
أوَّلاً: الأحاديث والآثار:
١ ـ روى البخاري (٥٦٦٦) ، ومسلم (٢٣٨٧) في صحيحيهما، واللفظ لمسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت:"قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضِه: ادْعِي لي أبا بكر وأخاكِ حتى أكتب كتاباً، فإنِّي أخاف أن يتمنّى متمنٍّ ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى اللهُ والمؤمنون إلاَّ أبا بكر".
٢ ـ روى البخاري (٧٢٢٠) ، ومسلم (٢٣٨٦) في صحيحيهما، واللفظ للبخاري عن جُبير بن مُطْعم قال:"أتت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فكلَّمتْه في شيءٍ، فأمرها أن ترجع إليه، قالت: يا رسول الله! أرأيتَ إن جئتُ ولَم أجدْك، كأنَّها تريد الموت؟ قال: إن لَم تجديني فأتِي أبا بكر".