للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ ـ لا ينتهي عجب المتعجب من إطلاق المالكي جملة: "وكان من حسن حظِّ عثمان وسوء حظ علي"، فإنَّ كلاًّ من عثمان وعلي رضي الله عنهما ذو حظٍّ عظيم في الدنيا والآخرة، ولم أرَ مثل هذا التعبير ولم أسمع به قبل وقوفي على هذا الكلام للمالكي، ومن سوء ظنِّ المالكي بهما رضي الله عنهما تصوره أنَّ رغبةَ كلٍّ منهما بالولاية كان لحظِّ نفسه، ولم تكن رغبتهما ورغبة غيرهما من الصحابة في الولاية ـ إن وُجدت هذه الرغبة ـ إلاَّ للعمل للإسلام ورفع رايته وإقامة الشرع، ولهذا لَمَّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر: "لأعطينَّ الرايةَ غداً رجلاً يحبُّ الله ورسولَه ويُحبُّه اللهُ ورسولُه، يفتح الله على يديه" بات الناسُ يدوكون ليلتَهم أيّهم يُعطاها، وقال عمر رضي الله عنه: "ما أحببتُ الإمارةَ إلاَّ يومئذ". فلمَّا أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّهم يرجو أن يُعطاها، رواه البخاري (٣٧٠١) ، ومسلم (٢٤٠٦) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.

وفي صحيح مسلم (٢٤٠٥) عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: "ما أحببتُ الإمارةَ إلاَّ يومئذ، قال: فتساورت لها رجاء أن أُدعى لها".

٣ ـ ما زعمه من اشتراط عبد الرحمن على عثمان وعلي رضي الله عنهم أن يلتزم الخليفة سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقبول عثمان الشرط بلا تردد، وامتناع علي من ذلك، هو من سوء ظنِّه، ولم تكن سيرة الشيخين ـ إن صحَّ الاشتراط ـ مخالفةً لسنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فعليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، وقال صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللَّذيْن من بعدي أبي بكر وعمر"، انظر: السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني (١٢٣٣) ، بل قد جاء عن علي رضي الله عنه أنَّه قال: "قُبض رسول الله

<<  <   >  >>