وتمكن في سنوات قليلة من طرد المعتدي الآثم مجللا بالخزي والعار, وأن يوحد الجزيرة العربية في نظام سياسي متميز تحكمه شريعة الله وتسوده روح الوئام.
وكان للعلماء من أبناء الدعوة الدور البارز في بناء صرح الدولة, وإرساء نظامها والذود عن مكتسباتها, منذ انطلاق شرارة التوحيد والإصلاح (١) .
في تلاحم فريد: شعاره الحب في الله, ودثاره الاحترام المتبادل والسعي الحثيث في إعلاء كلمة الله, ونشر الأمن وتخليص عقول الناس وأبدانهم من رق عبودية الخلق إلى عبودية الخالق وحده لا شريك له.
فأعادوا للإسلام هيبته التي خلفت لمعانها وافتقدت في الكثير من بقاع العالم, وأخذوا يشقون طريقهم بين الأمم في قوة وعنفوان, ففرح المسلمون بهم وتجدد بهم الأمل الذي طالما كان حلما بعيد المنال.
وهذه المنظومة الرائعة التي رافقت الدعوة منذ بزوغ نجمها المتألق, ومنذ ميثاق الدرعية الذي بني على أساس من نظرة الإسلام الشمولية للسياسية بنوعيها الداخلي والخارجي.
والمستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة والتابعين وخلفاء الإسلام.
كانت هي السياج المنيع, والدرع الذي تحطم عليه الطغيان والظلم والاستبداد , وانهارت أمامه المطامع الشخصية وشهوة التفرد.
واستمر موكب الدعوة والدولة تحوطه المحبة وتظلله الرحمة وتسيره المبادئ
(١) حفظ لنا التاريخ صورة نادرة، دارت أحداثها بين كل من العالم المجاهد عبد الرحمن بن حسن والإمام تركي بن عبد الله، يرويها الشيخ المعمر عبد العزيز بن مرشد عن أستاذه العلامة عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن. وملخصها: أنه بعد أن استطاع الشيخ عبد الرحمن الإفلات من المنفى بمصر، قصد مكة ثم انصرف إلى نجد مع حجاج القصيم، واستقر بها. ولما علم الإمام تركي بعودته بعث إليه يطلب منه القدوم إلى الرياض، ولم يستجب لطلبه، حتى تأكد من أنه ما قام إلا من أجل إقامة شرح الله وإحياء دينه، وحماية الدعوة المهيضة فوضع يده في يد الإمام تركي، واستمرت كتائب التوحيد تحمل الحب والطموح.