للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

دون الله ولو كانت ما كانت!

ويقولون: إن هذا الحجر, وهذه الشجرة (١) , وهذه العين, تقبل النذر. أي: تقبل العبادة من دون الله تعالى؛ فإن النذر عبادة وقربة يتقرب بها الناذر إلى المنذور له.

وقال في الهدي (٢) - في فوائد غزوة الطائف (٣) -: ومنها: أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت، بعد القدرة على هدمها وإبطالها، يوما واحدا.

فإنها شعائر الكفر والشرك، وهي من أعظم (٤) المنكرات, فلا يجوز الإقرار عليها بعد القدرة البتة، وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله, والأحجار التي تقصد بالتعظيم, والتبرك والنذر والتقبيل.

فلا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالتها, وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى, بل أعظم شركا عندها وبها. والله المستعان.

ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق وتحيي وتميت, وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم، فأتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة، وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر وذراعا بذراع /.

وغلب الشرك على أكثر النفوس؛ لظهور الجهل وخفاء العلم , فصار


(١) (ط) : وهذه الشجرة. ساقط.
(٢) (ع) : في الهدي. ساقط.
(٣) كانت في شوال سنة ثمان من الهجرة، بعد منصرفه من غزاة حنين. ينظر " جوامع السيرة" لابن حزم/٢٤٢ و"الدر" لابن عبد البر /٢٧٢.
(٤) في "الهدي": وهي أعظم.

<<  <   >  >>