للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الباحثين (١) بهذا الكتاب إلا أن المتصفح له سرعان ما يفطن إلى منهج المؤلف الملتوي الذي يطبعه كثير من التحايل والمراوغة واستعمال الأسلوب التمويهي من أجل التشكيك في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومهما ادعى المؤلف نهج طريقة الحياد والموضوعية في دراسة السيرة النبوية إلا أنه لم يستطع التجرد من الهوى والتعصب، فهو يتصيد الأدلة التي تخدم أغراضه ويفسر الوقائع على غير حقيقتها ثم إنه يتهجم على كثير من معطيات السيرة الثابتة بلباقة وتمويه بالغَين. ففي معرض حديثه عن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عن زهده وورعه فقال وبنبرة يلفها الشك والتهوين:"فبعض هذه الصفات تبدو لنا جد حقيقية، وفيها بصمات الصحة، لكن لا ندري أبدا بماذا نثق، إذ هناك أحاديث أخرى تصور النبي في هيئة مختلفة تماما عن هذه، تنفي أن يكون زهد فعلا في حياته .......ثم يستطرد قائلا: ومن المؤكد أن الروايات المتحدثة عن فقر النبي وحرمانه فيها مبالغات كثيرة، فإذا كان باستطاعته أن يهب لعائشة عقد لؤلؤ ثمين، فهو قطعا ليس في حاجة لرهن درعه..." (٢) .

والمؤلف لا يتردد أحيانا في وصم الروايات المتنوعة في الواقعة الواحدة بالتناقض، ومهما أوهم القارئ أنه يعتمد أمهات الكتب العربية إلا أنه يظهر براعة قوية في التضليل والتمويه وانتقاء ما يخدم أهواءه وأهدافه وإهمال وإغفال الحديث عما لا يستجيب لآرائه.


(١) من هؤلاء نجيب العقيقي في كتابه "المستشرقون ٣/٣٣ ومكسيم رودنسون في دراسته السابقة الذكر (Bilan) ص ١٧١.
(٢) Mahomet, sa vie et sa doctrine, p.

<<  <   >  >>