أ- لماذا الاهتمام بالسيرة النبوية باللغات الأجنبية؟
لم يعد هناك مجال للشك في أن معظم الناس في البلاد غير الإسلامية والبلاد الإسلامية غير العربية يجهلون الشيء الكثير عن حقائق الإسلام ومبادئه وقيمه، ولعل مصدر هذا الجهل يعود بالمقام الأول إلى كون عملية التعريف بالإسلام وحضارته وعلومه لا تراعي التعددية اللسانية لدى المخاطَبين الذين لا يستطيعون استيعاب حقائق الإسلام بغير لغاتهم الأصلية.
إن خطاب الدعوة الإسلامية خطاب بشارة ونذارة للعالمين، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاس ِبَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون}[سبأ٢٨] .
وإذا كان المسلم داعية إلى الدين الحنيف بحكم العقيدة التي ينتمي إليها والشريعة التي يلتزم بأحكامها، فإن من قصور النظر وضيق الأفق الاعتقاد بأن التعريف بأصول الإسلام وتاريخه وحضارته ودعوته ينبغي أن تكون موجهة إلى الناطقين بالعربية لأنها لغة التنزيل العزيز، وأن كل توجُّه آخر بلغات غير العربية إلى أقوام لا يحسنون لغة القرآن الكريم يعد توجها خاطئا ومشبوها.
ويعد مبدأ عالمية الرسالة الإسلامية الأساس الثابت الذي تقوم عليه علاقة المسلم مع أهل الثقافات والأديان الأخرى، ومن هذا المبدأ تنبع رؤية الإسلام في توجيه الدعوة نحو غير المسلمين الذين يتوقون إلى استكمال معرفتهم بدينهم ومعطيات ثقافتهم الإسلامية باللسان الذي يتحدثون به ثم توجيه