للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حياة محمد لإميل درمنغهم]

من الصعب جدا استعراض أبرز ملامح الكتاب المتميزة، وهذا المجال لا يسع لعرض موضوعات الكتاب وتحليل منهجيته وطريقة حديثه عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنكتفي بالإشارة إلى بعض المباحث المتألقة التي أجاد المؤلف في عرضها والوقوف عندها.

يعبر درمنغهم عن إعجابه بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في مقدمة كتابه فيقول: "إذا كانت كل نفس بشرية تنطوي على عبرة، وإذا كان كل موجود يشتمل على عظة، فما أعظم ما تثيره فينا من الأثر الخاص العميق حياة رجل يؤمن برسالته مجموعة كبيرة من بني الإنسان (١) .

وإذا كان كثير من المستشرقين الفرنسيين لم يستسيغوا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تحنث في غار حراء حيث شاء الله تعالى تهيئة الرسول صلى الله عليه وسلم لحمل أعباء الرسالة الخاتمة أن تكون مرحلة العزلة والتأمل فرصة لإغناء تكوينه العقلي والوجداني والروحي، فمنهم من أنكر ذلك (٢) ومنهم من فسر تحنثه بغار حراء هروبا من حر مكة والتماسا للجو الملطف البارد، فإن درمنغهم وقف عند موضوع العزلة التي كان يلجأ إليها الرسول صلى الله عليه وسلم محللا أهميتها وقيمتها بالنسبة لرجل يستعد –من غير شعور- لاستقبال الدعوة الجديدة وحمل أمانتها.

يقول: "فما كان لمحمد "صلى الله عليه وسلم" أن يستغني عن العزلة شأن أقوياء النفوس وذوي الجد من الرجال ولم ينفك عن الانقطاع حتى بعد أن أصبح رئيس


(١) E. Dermengham: la vie de Mahomet, p.
(٢) شذ في ذلك هنري لامنس عندما قال مستعرضا أقوال بعض المستشرقين عن عزلة الرسول صلى الله عليه وسلم: "كلا، ليس هناك ما يثبت اعتكاف محمد وعزلته فذلك لا يتفق مع نفرة محمد من الوحدة وكراهيته المشهورة للنسك"
Lammens: Mahomet fut il sincère, p

<<  <   >  >>