للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دولة وصارت أمور السياسة والحرب تشغل باله، لما في الانقطاع من مصدر القوة والاتزان والحكمة وبعد النظر ......... فالتأمل المستمر يطهر النفس وينبه روح المعاينة ويؤدي إلى كشف ما وراء الحجب ويحث على العمل عند الضرورة .... والتأمل الصحيح يحمل بذور الحركة والتحرر من الهوى الطارئ" (١) .

ويختتم درمنغهم حديثه عن العزلة التي مهدت الرسول عليه الصلاة والسلام لتحمل الرسالة وحمل الأمانة بقوله: "ونفس محمد صلى الله عليه وسلم النقية الصادقة التي اتصلت بما وجدته في قرارتها من الحقائق، بفعل العزلة في الجبل والصحراء، شعرت بأن الدين أمر غير المجادلات المجردة والمناظرات الجميلة، فذهب إلى أن كل إنسان يمكنه أن يعرف الله كما يستطيع ولكن المهم أن يعرف الله سبحانه على الوجه الصحيح وأن يسلم أمره إليه" (٢) .

هذه إذن وقفات للمستشرق الفرنسي درمنغهم أمام ملامح التكوين النفسي والوجداني للرسول صلى الله عليه وسلم في مرحلة العزلة والوحدة قبل تلقيه الوحي وتحمله أعباء الرسالة.

وعلى عكس ما ذهب إليه بعض المستشرقين المتحاملين الذين لم يقتنعوا بسماحة الإسلام ومرونته ولم يقروا بصفات الرسول صلى الله عليه وسلم الحميدة من صدق وأمانة وعفو نجد درمنغهم يقف عند هذه النقطة وهو معجب بسماحة الرسول الكريم وتوق نفسه إلى العفو والصفح وعدم الاعتداء، فيقول عنه صلى الله عليه وسلم: "لقد أبدى من الكرم وعظمة النفس ما لا تجد مثله في التاريخ إلا نادرا. وكان يوصي جنوده بأن يرحموا الضعفاء والشيوخ والنساء والأولاد، وكان


(١) La vie de Mahomet, p.
(٢) Ibid, p c.

<<  <   >  >>